نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تقييم التطورات من وجهة نظر حزب العمال الكردستاني يمكن أن يتيح لنا اختبار نظرية الحزب حول إيجاد ممر إلى المتوسط عبر إدلب. كما هو الحال بالنسبة لجميع الفاعلين في المنطقة، حزب العمال أيضًا يعاني من الغموض الحالي. لأن هناك سلسلة من الأحداث تقع، وسوف يكون لها تأثير مباشر عليه.

يحتل الغموض في العراق صدارة القائمة، وهو يشكل بالنسبة للجميع مخاطر وفرص جديدة. وانسحاب البيشمركة من كركوك أثار سلسلة من التطورات.

قد ينجر الإقليم الكردي في العراق إلى دوامة عدم الاستقرار، وقد يفقد بارزاني مشروعيته وسلطته. وهذا ما قد يكون خبرًا سارًّا بالنسبة لحزب العمال الكردستاني. لكنه يعلم أن التوصل إلى نتيجة رهن بحشد عدد أكبر من مقاتليه في المنطقة.

هناك تطور آخر وهو خروج المنطقة الشمالية في سوريا، التي يوليها حزب العمال أهمية استراتيجية، من سيطرة بارزاني، كما حدث في سنجار. وهذا ما يعني قوة إضافية للحزب.

من ناحية أخرى، قد ينعكس التعاون التركي العراقي الإيراني على حزب العمال الكردستاني. وإذا شمله الاتفاق بين البلدان الثلاثة سيكون لزامًا عليه زيادة قواته في شمال العراق.

كما أن توجه الحكومة التركية لضرب الإرهاب في معاقله ستجبر حزب العمال على وضع المزيد من القوات على طول الحدود وفي قنديل.

ومع إضافة وجود الحزب في تركيا وأنشطته فيها يتضح أن أولويته ستكون موجهة للناحية الدفاعية في الكثير من المناطق، وأن عليه حيازة عدد كبير من القوات.

ولا تقتصر المشكلة على العراق فحسب، فحزب العمال منشغل للغاية في سوريا أيضًا. وهناك حدود تركية طولها 650 كم تقيده. ويمكن لأنقرة أن تمزق امتداد الأراضي التي يسيطر عليها الحزب بالدخول من أي نقطة من الحدود نحو الجنوب. كما أن عفرين المحاصرة تثير قلقًا كبيرًا لدى الحزب.

ومن جهة أخرى، سيؤثر تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه سيتيع سياسة محايدة في الأزمة بين الإقليم الكردي والعراق، على قرارات التنظيمات في المنطقة ومنها حزب العمال.

ويدرك الحزب أن الولايات المتحدة قد تتخلى عنه في أي لحظة. وبناء عليه سيتصرف بحيطة وسيعمل على عدم وضع البيض كله في سلة واحدة.

تعتبر المرحلة الأولى من الحرب مع داعش في الرقة انتهت. ويعمل حزب العمال على تأسيس دولة عسكرية بسرعة في هذه المنطقة، التي لا يملك فيها حاضنة اجتماعية. وعليه فسوف يتوجب على الحزب تخصيص قوات لا بأس بعددها في المنطقة من أجل مواجهة هجمات من داعش، أو تهديد محتمل يمكن أن يصدر عن نظام الأسد أو السكان العرب.

ومن دون الأخذ بعين الاعتبار محدودية موارد الحزب في هذا الوضع الفوضوي، وبعده عن معقله في قنديل، وقوة تركيا، يبدو طرح محاولة الحزب القيام بعملية توصله إلى البحر المتوسط أمرًا لا يمت إلى الواقع بصلة.

بعبارة أخرى، على الحزب السيطرة على حوالي 3 ملايين مدني عربي، وما بين 20 ألف إلى 30 ألف معارض مسلح، وتجاهل روسيا والنظام السوري، والحصول على دعم لوجستي وجوي غير محدود من الولايات المتحدة.

وأخيرًا فإن توقع دخول حزب العمال الكردستاني إلى إدلب للوصل إلى المتوسط، واتخاذ قرار باستخدام القوة العسكرية لمنع ذلك، وشغل أفضل الوحدات العسكرية بالبرد في إدلب يشير إلى قدرة رائعة على التحليل وفهم استراتيجي مبهر!!!

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس