جانداش طولغا اشق – صحيفة بوسطا – ترجمة وتحرير ترك برس

"إسطنبول مدينة استثنائية. لكننا لم نعرف قيمة هذه المدينة، لقد أقدمنا على خيانتها، وما نزال حتى الآن. أنا أيضًا أتحمل هذه المسؤولية"... كلمات رددها ذات مرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

لا يمكن إلا أن نبدي احترمنا لهذا النقد الذاتي الصادق من زعيم ذو كلمة نافذة في إدارة دفة البلاد منذ خمسة عشر عامًا. غير أن خيانة إسطنبول يعود ماضيها إلى ما قبل خمسة عشر عامًا بكثير.

مدينة إسطنبول هي أكبر ضحية لموجة الهجرة التي تسارعت من القرى إلى المدينة بعد خمسينات القرن الماضي..

وبينما كانت إسطنبول تتعرض للتخريب على مرأى ومسمع الجميع، لم يكتفِ السياسيون بالوقوف مكتوفي الأيدي إزاء هذه المجزرة، بل شاركوا فيها بأنفسهم في سبيل الحصول على حفنة من الأصوات في الانتخابات.

عند النظر من الجو إلى صور  إسطنبول، إحدى أجل المدن في العالم، يعتصر الألم قلب المرء؛ فليس هناك أي تخطيط، وتحولت هذه المدينة، التي سُلمت إلى قطاع البناء دون إبداء أي اهتمام بقواعد العمارة والنواحي الجمالية، إلى أكوام متراكمة من الأبنية.

وحتى في خلفية الصورة الظلية لشبه الجزيرة التاريخية الرائعة بإسطنبول تتصاعد إلى السماء ناطحتا سحاب قبيحتين. أما ميدان تقسيم فقد ترك ضحية للإسمنت، وأضحى أشبه ما يكون بورشة بناء، بلونه الرمادي المتناهي في البشاعة.

وعند المرور من جسر شهداء 15 يوليو باتجاه الشطر الآسيوي من إسطنبول ترون برجًا عملاقًا من الإسمنت، يظهر في مواجهتكم، ويشرئب بطوله حتى الغيوم تقريبًا.

الرئيس أردوغان محق في أقواله، لكنه لم يذكر  كل شيء. فمن أقدموا على خيانة إسطنبول ليسوا فقط من حكموها وأداروا  البلد منذ خمسين عامًا.

وفي هذه الأعوام الخمسين، يتحمل المقيمون في إسطنبول على الأقل نفس القدر من مسؤولية السياسيين. فلا ينزعجن أحد مما أقول، من أوصل إسطنبول إلى هذه الحالة ليس إلا سكانها، أي نحن.

اليوم يتحدث الأخصائيون عن انهيار مئات الآلاف من الأبنية تمامًا في الزلزال المتوقع حدوثه في إسطنبول، وعن مصرع أعداد كبيرة من الناس تقدر بالملايين، ودمار مادي هائل بمليارات الدولارات سوف يجعل حتى استقلال البلاد في خطر.

مصير هذه المدينة سوف يتحدد على يد سيقف في وجه هذا الزحف الخطير. فإما أن يصحو الإنسان ويوقفه وإما أن تتدخل عوامل الطبيعة، وعندها ستكون نهايتنا كارثية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس