فيردا أوزير – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تواجه تركيا  معادلة جديدة عقب استفتاء الانفصال في إقليم شمال العراق. اشتد ساعد بغداد فجأة في مواجهة أربيل، وتزايد النفوذ الإيراني في العراق بشكل كبير. 

أما الأكراد فزاد تشرذمهم، في حين وقف حزب طالباني، الاتحاد الوطني الكردستاني مع إيران وبغداد ضد بارزاني، أي أنه وقف في صف الرابحين. 

وضعت تركيا نفسها في موقع جديد إزاء استفتاء انفصال شمال العراق، ووقفت في صف العراق وإيران. 

خطر إقامة حزام كردي يمتد ما بين شمال العراق وشمال سوريا وحّد على حين غرة ما بين البلدان الثلاثة المتجاورة. 

والآن ينبغي انتظار انضمام دمشق إلى هذا المحور. فاستهداف العراق معاقل تنظيم داعش على الحدود العراقية السورية يشير إلى أن التنسيق اكتسب زخمًا بين دمشق وبغداد. 

الأمور جيدة إلى هنا، لكن هناك تهديدات ناجمة عن هذه المعادلة الجديدة، ومخاطر يتوجب إدارتها بشكل دقيق. 

المخاطر الجديدة والتوازنات

تعرض أكراد العراق والمنطقة لخيبة أمل كبيرة جراء تزعزع الأرض تحت أقدام بارزاني. وفي المقابل، بدؤوا بالميل نحو وحدات حماية الشعب المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، بعد إعلانها النصر في الرقة في الفترة نفسها. فهل يدفع هذا الوضع بارزاني للتعاون مع حزب العمال؟

ليست تركيا الوحيدة التي تحاصر بارزاني، بل بلدان المنطقة، ولهذا فإن الزعيم الكردي لن يغامر بالابتعاد أكثر عن تركيا، والتقارب مع حزب العمال. لكن الحزب هو من يمكن أن يستفيد من جو الفوضى للقيام بعملية توجيه للرأي في هذا الاتجاه. ويسعى إلى إفساد علاقات أنقرة وأربيل المتدهورة أصلا. 

من جهة أخرى، لا تريد الولايات المتحدة أن تزيد قوة طهران في العراق إلى هذه الدرجة، وعلى الأخص عند وضع استراتيجية ترامب بخصوص إيران في عين الاعتبار. وواشنطن طلبت بصراحة الأسبوع الماضي من بغداد انسحاب الحشد الشعبي من العراق. 

وعلى الرغم من حماية بغداد لهذه الميليشيات الشيعية الموالية لإيران إلا أن الحشد بدأ بالانسحاب من كركوك. بمعنى أن بغداد تعمل على إقامة توازن بين الولايات المتحدة وإيران. 

اختبار حزب العمال الكردستاني

أنقرة هي أكثر الجهات المطالبة بالحذر بشأن إيران. لأن طهران لم تتورع عن اللعب بورقة حزب العمال الكردستاني وقتما تريد.

كما أن بغداد، التي طلبت من حين لآخر انسحاب القوات التركية من معسكر بعشيقة، قد تعود إلى الحديث عن المطلب ذاته. 

وعلاوة على ذلك، لننتظر ونر ما إذا كانت بغداد ستنفذ وعدها لأنقرة بالقضاء على حزب العمال الكردستاني في العراق. باختصار، سيكون تعاون تركيا مع بغداد وطهران تحت الاختبار. 

ولهذا ينبغي على أنقرة عدم إغلاق قنوات الحوار مع أكراد المنطقة. وإلا فإنهم سيكونون تحت تأثير بقية بلدان المنطقة والقوى العظمى والتنظيمات الإرهابية، وستسنح الفرصة لاستخدامهم ضد تركيا.

وكما رأينا، فإن المنطقة أضحت في حال من الهشاشة إلى درجة أن أي حادث منفصل يمكنه أن يقلب توازن القوى رأسًا على عقب. وعليه ينبغي على تركيا مواصلة الحوار مع بقية الفاعلين واتباع سياسة حساسة تراعي التوازنات. 

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس