ترك برس

اختتمت قبل بضعة أيام فعاليات مهرجان أنطاليا السينمائي في دورته الرابعة والخمسين الذي امتد على مدى خمسة أيام. وتنافس في المسابقة الرسمية للمهرجان 38 فيلما من تركيا وأمريكا وألمانيا وفرنسا وجورجيا والمكسيك واليابان والصين وإيران والأردن وفلسطين وغيرها.

ولكن بعيدا عن الجوائز يتحدث النقاد الدوليون عن أن المهرجان أبرز ظهور مجموعة مميزة من المخرجين الأتراك الذين استلهموا النجاح العالمي للمخرج والمصور التركي نوري بيلجي جيلان الفائز بعدة جوائز دولية أبرزها جائزة السعفة الذهبية.

تقول زينب أتاكان، مديرة منتدى أنطاليا السينمائي الذي يركز على صناعة الأفلام: "هناك جيل رائع وقادم بقوة من صناع الأفلام في تركيا". لقد تحسن قطاع تمويل الأفلام في البلاد بشكل لا يصدق منذ أن بدأت أتاكان حياتها المهنية منتجة في الثمانينيات، وهي فترة لم يتوفر فيها التمويل لأي شخص. ومن داخل صعوبات تلك الحقبة برز جيل مرن من المنتجين والمخرجين، وكثير منهم الآن يسافرون بانتظام إلى أنطاليا بحثا عن التمويل في المنتدى أو لعرض أفلامهم في الاختيار الرسمي.

تقدم الجامعات التركية دورات في مجال الأفلام، وخاصة جامعة بهتشه شهير في إسطنبول التي  تتفوق على غيرها في نظرية الأفلام والتدريب على صناعتها. ويشير الناقد السينمائي البريطاني، جيفري ماكناب، إلى أن تركيا رغم أنها قد لا تملك مدرسة للنخبة السينمائية، مثل لودز في بولندا أو فامو في التشيك، فإن هناك أعدادا متزايدة من الطلاب الذين يتلقون تعليما عالي الجودة، وتدريبا نظريا وعمليا رفيع المستوى.

يقول إيليم كافتان، المذيع التليفزيوني وصانع الأفلام الوثائقية الذي عرض له المهرجان فيلم (خلية النحل): "تركيا مكان رائع. عشت في كندا ثماني سنوات ولكني أردت أن أعود إلى بلدي بسبب نوع القصص التي لدينا هنا، فهي قصص لم تتوقف قط عن مفاجأتي. تركيا بلد مفعم بالطاقة. إنها غنية حقا من حيث الثقافة والمجتمع".

وليست السينما التركية سهلة التصنيف، كما يقول الناقد البريطاني ماكناب، وفيلم الخلية مثال على ذلك، فهو يدور عن امرأة تحاول حماية منحلها من هجوم دب. وهي قصة مستوحاة من قصة حقيقية لامرأة التقاها كافتان أثناء تقديم برنامج تلفزيوني.

يقول مايك داوني، المدير الفني في مهرجان السينمائي الدولي في أنطاليا: "هذا هو الجيل الأصغر من المخرجين الذين نريد دعمهم والذين هم في أمس الحاجة إلى دعمنا. ويشير داوني إلى فيلم (The Guest) أو (مسافر حلب إسطنبول) الذي كتبته وأنتجته وأخرجته المخرجة الشابة أنداتش هازيندار أوغلو، وهو الفيلم التركي الثاني الذي تنافس على جوائز المهرجان، وفاز بجائزة الجمهور، ونال إعجابا كبيرا أثناء عرضه في المهرجان.

فيلم مسافر حلب هو أول إنتاج مشترك بين تركيا والأردن، وحصل على دعم من وزارة الثقافة والسياحة التركية. وتقوم ببطولته الممثلة الأردنية صبا مبارك التي تلعب دور امرأة سورية (لينا) تهرب من منزلها الذي مزقته الحرب وتلتمس ملاذا في تركيا مع شقيقتها الرضيعة وجارتهم مريم  البالغة من العمر ثماني سنوات بصحبة لاجئين آخرين. وترغب فينا في العودة إلى الوطن، بينما تأمل مريم في الوصول إلى أوروبا.

https://www.youtube.com/watch?v=_4JGbD4cQpg

يسلط دوني الضوء أيضا على فيلم (لا تتركني أبدا) للمخرجة البوسنية التي تتمتع بصلات قوية مع تركيا عايدة بيجيتش. يتناول الفيلم الذي عرض في افتتاح المهرجان حياة ثلاثة أطفال من اللاجئين السوريين الذين يعيشون في أحد المخيمات بمدينة شانلي أورفا التركي، والألم الذي يعيشه هؤلاء الأطفال بعد فقدان أهلهم في سوريا.

ويوضح دوني قائلا: "عندما  ألقي نظرة على المنتدى، بصفتي منتجا أوروبيا في الأساس، فإنني أرى فرصا غير عادية في صناعة السينما التركية، والأعمال قيد التنفيذ التي يقوم بها الطلاب ومخرجو الأفلام القصيرة، ومن ثم فإن السينما التركية ينتظرها مستقبل أفضل."

اختار منتدى أنطاليا مخرجين من أصحاب الأسماء المعروفة ومن الأسماء الجديدة لعرض أفلامهم. ومن الأسماء المعروفة  سونر جانير، مخرج ومنتج الفيلم الشهير (رؤوف) الذي يعود للمشاركة في المهرجان بفيلمه الروائي (مودة من القلب) من إنتاج بلال باجتشي، والمخرج إيرول مينتاش الذي نال فيلمه (أغنية أمي) جائزة في مهرجان سراييفو السينمائي، حيث قام بعرض فيلمه الجديد (الغربان) الذي حصل على الدعم من وزارة الثقافة والسياحة التركية وكذلك صندوق تنمية الإنتاج الألماني التركي المشترك.

ويعتقد المخرج التركي ميتيه غومروهان الذي فاز فيلمه الوثائقي "شباب المصارعون" بجائزة بهلول دال الخاصة في لجنة التحكيم في أنطاليا في عام 2016، أن مهرجان أنطاليا، وخاصة المنتدى السينمائي، له تأثير متزايد في الجيل الجديد من المخرجين الأتراك. وقال إن ما يجعل المهرجان والمنتدى مفيدا لهم، هو أنه يغطي كل شيء: الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية والميزات تظهر في المهرجان نفسه حين يتم عرض مجموعة واسعة من المشاريع في مراحل مختلفة في المنتدى.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!