عبد الله الشيخ ديب - خاص ترك برس

ما عادت المكابرة الثورية ممكنة ولا نافعة، هناك واقع جديد فرض نفسه، والحديث هنا لا يتم عبر مقاربات "النصر" أو "الهزيمة"، بل عن واقع جديد فقط، وجب التعاطي والاشتباك معه، وما علينا إدراكه أننا لا نزال عنصراً فاعلاً في هذا الواقع الجديد، وعليه فطبيعة تعاطينا ومعالجتنا لهذا الواقع هي من قد يحدد إن كان هذا الواقع سيصب في مصلحتنا أم لا ، وهي ما يساهم في خلق ودعم مسارات قد تفضي إلى النتائج التي نطمح إليها كسوريين مؤمنين بالعدالة والحرية، فهمُنا لهذا الواقع الجديد، وإدراك دورنا فيه وحده ما يجعل جهودنا أكثر فاعلية وأقرب للواقعية والاعتدال .

مع ثبات اتفاقيات "خفض التصعيد" (رغم وجود خروقات شبه دائمة من طرف النظام وضامنيه)، ودخول تركيا إلى إدلب، وتحول مناطق درع الفرات في ريف حلب إلى مناطق استقرار، فكل ما يجب أن يشغل بالنا حقاً هو ما الذي يخدم مصلحتنا نحن السوريين ؟ ولنتذكر أن الأوضاع والظروف السياسية الدولية الحالية قد لا تتيح لنا التفكير والتصرف وفق ما تمليه علينا مبادئنا الأخلاقية والثورية، دائماً، علينا أن نتجاوز بعض الشعارات الفضفاضة التي تطلقها بعض الجهات والنخب السياسية، فهي تحرف المجتمع عن أهداف الثورة الحقيقية، وتحرف المجتمع عن محاسبة تلك القوى والنخب على إخفاقهم في مهمتهم .

إن إعادة توجيه أذهان الناس لمشروع الثورة السياسي، وإشراك الناس وتسهيل انخراطهم في الحياة العامة، أولى هذه الخطوات، حتى "نزعات حب السلطة" الموجودة عند بعض القيادات المدنية والعسكرية، والتي يخشاها البعض ويعمد إلى تضخيمها، من الممكن أن تكون نافعة أيضاً عند مأسستها وضبطها بقوانين عادلة .

واجب السوريين اليوم إنشاء مؤسسات احترافية راسخة، مؤسسات حقيقية ليس الهدف منها شكلياً أو لغاية خلق حالة ما من التوازن، بل الهدف منها التفوق فعلياً ؛ مؤسسات فعالة تعمل في خدمة المجتمع هذه هي الوظيفة الأولى الملقاة على النخب المدنية والعسكرية، وإلا فما الذي يمكن عمله دون مؤسسات في مواجهة المؤسسات ؟!

وليستقيم السؤال أكثر : ما الذي يمكن عمله دون قوة في مواجهة القوة ؟ ولذلك فلنبدأ في المؤسسة العسكرية والأمنية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس