مليح ألتنوك – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

لبنان بلد صغير على ساحل البحر المتوسط، كان فيما مضى رمزًا للغنى والرخاء واللهو والثقافة قبل أن تتدهور الأوضاع في الشرق الأوسط. 

لكن مع انطلاق مشروع إعادة رسم خريطة المنطقة نال لبنان نصيبه وأكثر من الفوضى...

خلال فترة قصيرة تحول إلى وجهة مفضلة لكافة للمجموعات الإرهابية بدءًا من "بادر ماينهوف" (جماعة الجيش الأحمر الألمانية) وحتى حزب العمال الكردستاني.

على سبيل المثال، وادي البقاع كان معروفًا بمشروباته في الماضي، ليشتهر في تسعينات القرن الماضي بمعسكرات حزب العمال الكردستاني. 

نعم، إنها قصة معروفة لكل شعب مظلوم. 

وشعب هذه القصة، الساعي في الآونة الأخيرة للتقدم عبر المطالبة بمجموعة من الاصلاحات، على عتبة أزمة حادة.

أول أمس، أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته، وبرر الاستقالة  بأن الأجواء الحالية في لبنان تشبه الأجواء التي سبقت اغتيال والده رفيق الحريري ، وأعرب عن الخشية من تعرضه لعملية اغتيال، مضيفا: "لمست ما يحاك سرا لاستهداف حياتي".

لكن ما هو مصدر التهديد الذي يخيف رئيس وزراء إلى حد إرغامه على التخلي عن منصبه؟ 

الإجابة عن هذا السؤال تكمن في تصريح أدلى به الحريري قبل أيام ضد إيران ومن يتدخلون في الشؤون الداخلية للبنان قال فيه:

"لبنان دولة عربية مستقلة لن تقبل بأية وصاية وترفض التطاول على كرامتها".

نعم، الحريري الواقع بين مطرقة إيران وسندان الولايات المتحدة، يحلل المشاكل بشكل صحيح، لكنه باستقالته يقول إن هذا الأمر غير قابل للحل، ويرسم صورة الاستسلام أمام القوى الإمبريالية. 

 والأهم من ذلك أن يصب الماء على آخر شعلة أمل لشعب يواجه الإرهاب والفقر. 

ربما تقولون "هل تظن الأمر سهلًا.. الرجل يفكر بأسرته ويسعى للنجاة بروحه"، وأنتم على حق، الأمر ليس سهلًا على الإطلاق. ولو أن الحريري نجح في التغلب على الخوف لما خاف.

وفي الواقع فإن قليلين فقط نجحوا من بين من جربوا التغلب على الخوف...

أي زعيم من زعمائنا استطاع مقاومة المتعاونين المرتدين البزة العسكرية الأمريكية، أو أعوان الولايات المتحدة المدنيين في انقلابات 27 مايو و12 مارس و12 سبتمبر و28 فبراير؟

ولهذا فإن النماذج من هؤلاء نادرة نذكر منهم:

أليندي، الذي قاوم في قصر الرئاسة حتى الموت في مواجهة بينوشيه الانقلابي الفاشي المدعوم من جانب سي آي إيه...

وتشافيز الذي كبر وهو يدحر الانقلابات المدبرة من البنتاغون...

وأردوغان الذي رفض مذكرة الجيش الإلكترونية، ولم يتراجع أمام المحاولة الإنقلابية القضائية في 17 و25 ديسمبر، وعاد إلى إسطنبول ليواجه إلى جانب شعبه المحاولة الانقلابية في 15 يوليو، عوضًا عن الهروب إلى الملاجئ...

الخوف ليس أمرًا معيبًا، لكن المقاومة وعدم إضاعة الأمانة الممنوحة من قبل الشعب هي البطولة بحد ذاتها، في كل مكان وزمان على ظهر الأرض...

عن الكاتب

مليح ألتنوك

كاتب صحفي في صحيفة ديلي صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس