هاشمت بابا أوغلو – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

علينا أن نقرأ العالم بشكل جيد.

حتى نتمكن من التفكير والفهم والاستيعاب في كل يوم...

وإلا لن ندرك ما يصيب العالم والمنطقة وبلادنا، ولسوف ننجر وراء من يريدون تشتيتنا هنا وهناك.

لنبدأ من هنا...

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتمع للمرة الثامنة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال فترة قصيرة لا تتجاوز خمسة عشر شهرًا.

هذا أمر غير طبيعي.

لا شك ولا جدل في ذلك.

قبل الحروب الكبيرة تتزايد التحركات الدبلوماسية بين الزعماء. لكن حتى في تلك الفترات لا يمكن لهذه الاجتماعات الثنائية أن تنعقد بهذه الكثافة.

إذًا، ينبغي علينا أن نعلم أننا نقف على عتبة، أو حتى في خضم، أزمة دولية كبيرة.

صفقة منظومة الصواريخ الدفاعية إس-400 وما شابهها من قضايا...

كلها تفاصيل متناثرة حول قضية أساسية.

***

لكن بوتين الذي يجتمع أردوغان معه باستمرار، أي بوتين؟

لا شك أنه ليس بوتين الذي قال: "ثقافة روسيا تربطها بالحضارة الأوروبية" عندما انتخب رئيسًا للمرة الأولى بعد حصول على أكثر من خمسين بالمئة من الأصوات، أي في عام 2000.

من المؤكد أنه ليس بوتين الذي يحاوره أردوغان.

أيهم إذًا؟

هو بوتين الذي صاغ ولايته الرئاسية الأخيرة وفق خطاب ألقاه في 7 مايو/ أيار 2012، وقال فيه : "نلنا مجددًا شرف كوننا أمة عظيمة... الأولويات القومية لروسيا في القرن الحادي والعشرين فوق كل اعتبار".

لا شك أنكم لاحظتم...

إنهما زعيمان واجها ظروفًا متشابهة...

ومرا باختبارات سياسية ذات طبيعة متشابهة...

ويعملان على التوصل إلى نتائج متشابهة.

لو قيل هذا الكلام قبل عشر سنوات لقابلناه بابتسامة ساخرة، لكنه الآن حقيقة واقعة.

***

لكن علينا أن نقف هنا تمامًا ونلقي نظرة مجددًا.

منذ مدة ونحن نتفق مع روسيا، ونضع سياساتنا معًا، لكن الفوارق بيننا تنطوي على صفات في غاية الأهمية.

روسيا تملك قوة نووية واقتصادًا عملاقين، ويدها تصل إلى كل مكان، رغم أنها تخضع لحصار دائم.

عندما تقع في موقف حرج للغاية تلجأ إلى سياسة "الوفاق" (ليونة/ خفض التوتر/ المحافظة على المصالح كما هي)، تمامًا كما كان الحال بالنسبة للاتحاد السوفيتي.

لكن تركيا ليست كذلك.

فشراكتها الاستراتيجية الممتدة على مدى أعوام طويلة تتزعزع. وحلف الناتو تحول إلى عدو خبيث.

تدرك تركيا أنه لا يمكنها تجاوز الأفخاخ المنصوبة لها بالتوقف أمامها.

وعليها أن تقدم على بضع حملات في الوقت نفسه.

ولهذا تتمتع زيارات أردوغان إلى روسيا والكويت وقطر بأهمية شديدة.

لأن المحافظة على الاستقرار في المنطقة يعني في الوقت ذاته حماية تركيا.

عن الكاتب

هاشمت بابا أوغلو

كاتب في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس