نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

هناك حقيقة مؤكدة وهي أن الربيع العربي الذي بدأ محليًّا، خلق مشاكل على الصعيد العالمي، وأدى إلى تدهور العلاقات الدولية، والمثال الأبرز على ذلك هو سوريا. 

موضع الجدل الجديد الاتفاق بين تنظيم داعش وقوات سوريا الديمقراطية (اعتبروها حزب العمال الكردستاني). عندما أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية الخبر صدرت ردود أفعال مختلفة عن عدد من البلدان.

فأعلنت تركيا أن اتفاق تنظيم إرهابي مع تنظيم آخر أمر غير مقبول، في حين أوضح مسؤولون أمريكيون أن الأمر عبارة عن علاقة بين قوات سوريا الديمقراطية وداعش، وتجنبوا تحمل مسؤولية الاتفاق. بدورها أفادت روسيا أن الاتفاق أوضح دليل على علاقة الولايات المتحدة مع داعش.

لا شك أن الجميع يقول الحق، لكن بطبيعة الحال من الناحية التي تناسبه. إلا أن ما يريدون منا تصديقه أن الولايات المتحدة لا تتحمل مسؤولية، وأن روسيا لا علاقة لها بمثل هذه الأمور. أما بالنسبة لنا فمن المفيد أن نعرف الحقيقة، ولهذا لنلقِ نظرة على الموضوع عن كثب. 

أطلق صانعو القرار السياسي الأمريكي العملية في سوريا باستخدام القوات الخاصة وليس القوات التقليدية لأنهم لا يريدون مقتل جنودهم. فالقضية أصبحت عسكرية، والعسكر يتخذون القرارات للقيام بالمهمات بأقل الخسائر العسكرية. 

اختار العسكر التعاون ميدانيًّا مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، وبعد ذلك حاولوا إهداء "نصر بسيط ومفهوم" لصانعي القرار السياسي لا يحرجهم أمام ناخبيهم. وكانت السيطرة على الرقة معقل داعش الخيار الأفضل. وهكذا استولى حزب الاتحاد الديمقراطي على الرقة من يد داعش. 

من غير الممكن لحزب الاتحاد الديمقراطي وضع خطة عملية عسكرية لاستعادة مدينة كالرقة من "العدو" وتطبيقها وإنجازها. فهذا الجزء هو من مهام القوات الخاصة الأمريكية. وإبرام اتفاق إجلاء عناصر داعش من الناحية العسكرية هو جزء هام من عملية الرقة. 

وبحسب المفهوم الأمريكي فإن "قتل جميع عناصر داعش قد لا يكون أحيانًا فكرة حسنة". 

ولا بد أن الجنرال الذي يدير عملية الرقة استوعب هذا المفهوم جيدًا، بحيث أدرك أن الغاية من وجوده هناك ليست هزيمة داعش وإنما السيطرة على الرقة. أما تحقيق الهدف من دون إطلاق رصاصة واحدة وبأقل قدر من الخسائر يدل على مهارته. وبالنتيجة فإن داعش ليس مشكلة عسكرية وإنما سياسية.  

في أغسطس/ آب الماضي طبق الجنرالات الروس نفس تكتيك نظرائهم الأمريكان. وسمحوا لمقاتلي داعش المغادرين لمنطقة الحدود السورية اللبنانية بالتوجه إلى مدينة البوكمال.

لا يمكن للروس أن ينفوا معرفتهم بالواقعة لأنه من غير الممكن أن يطير عصفور في غرب الفرات من دون علمهم. ويتضح أن صانعي القرار الروس يقدمون توصيات مشابهة لنظرائهم الأمريكان.

"الامتناع عن القتل أحيانًا هو أفضل حل"، هذه هي الحقيقة على الصعيد العسكري، مع أن المستوى السياسي يمكن أن يبدي امتعاضه منها.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس