ترك برس

يُعد الفنان فيحامان دوران (1886 - 1970)، والذي وضع باسمه معرضٌ كاملٌ في متحف سابانجي الشهير في تركيا، واحدًا من أبرز الفنانين الأتراك. وقد عاش في مرحلتين مختلفتين من تاريخ تركيا، بل وقد عاشت فيه أنواعٌ مختلفةٌ من الفنون التي ترجع إلى مختلف الثقافات؛ ولد في عهد الدولة العثمانية، وأكمل حياته في زمن الجمهورية التركية، سيد الخط العربي والرسم الغربي، تدرّب على الفنون في كل من إسطنبول وباريس.

كما هو واضح، فقد جمع فيحامان عددًا من الجوانب المتقابلة في الثقافة التركية بل وغيرها من الثقافات. وفي معرضه في متحف سابانجي، قدمت جامعة إسطنبول مجموعة من لوحات فيحامان التي كانت موجودةً في منزله سابقًا، والذي يعد اليوم جزءًا من حرمها الجامعي في بيازيد.

ولد فيحامان سنة 1886، ودرس الفن في مدرسة غالاطة ساراي الثانوية، وقد تفوق على أقرانه في الخط والرسم. استطاع العمل في الثانوية كمدرسٍ للخط بعد فترة وجيزة من التخرج، إلى أن تم إرسالُ رسالةٍ له من باريس من أجل الذهاب للتعليم هناك. التقى في باريس العديد من الفنانين المتميزين الذين تعلم منهم، وقام بدمج أسلوبهم الغربي مع أسلوبه العثماني والمتأثر بالفنون العربية. وحينما قامت الحرب سنة 1914، قرر فيحامان العودة إلى إسطنبول.

يحتوي المعرضُ أكثر من 1000 عملٍ خاص بفيحامان، وقد تم عرض تلك الأعمال التي أخذت من منزله إلى المعرض جنبًا إلى جنب مع الأثاث الحقيقي الذي كان موجودًا في منزله، من أجل تقديم فكرة أكثر تفصيلًا عن فنه. وترجع تواريخ أعماله المعروضة إلى الفترة ما بين مطلع القرن العشرين وحتى الستينيات منه، وتشمل الصور والمناظر الطبيعية ولوحات الخط العربي.

نظرًا لكونه قد عاش في مرحلةٍ تاريخيةٍ حساسة، كانت الأحداث الرئيسية في حياته هي الحرب العالمية الأولى ثم حرب الاستقلال التركية. وقد جمعه النقاد مع رسامي الجيل التركي الذين عادوا من أوروبا سنة 1914 تزامنًا مع الحرب، حاملين معهم آثار الفن الحديث الذي شاهدوه هناك. ولدى عودتهم، قاموا باستخدام تلك التقنيات الحديثة في لوحاتهم الطبيعية لإسطنبول.

ومن أهم تلك التقنيات، كانت تقنية التركيز على الضوء، والتي استفاد فيحامان منها في رسم المناظر الطبيعية للبوسفور، وتحويل الضوء على الماء إلى نسيجٍ فاتن.

حظي فيحامان بالشهرة بعد رسمه لوحةً لمؤسس الجمهورية التركية الحديثة، كمال أتاتورك، سنة 1937. ويتّضح فيها تأثره بالفن الغربي الحديث، خاصة فيما يخص تقنيات الضوء الظاهرة على وجه أتاتورك.

ومن وجهة نظر مؤرخي الفن، تعد اللوحات التي قام فيحامان برسمها للأشخاص والوجوه، اللوحات الأبرز التي قام برسمها، والتي بيّنت مهاراته الفنية أكثر من غيرها.

أما عن استخدامه الخط العربي في العديد من أعماله ولوحاته، كالكتابة على قطع الأثاث أو على زهورٍ مرسومة، فبالنسبة لمن يقرؤون العربية أو العثمانية، تمثل تلك الكلماتُ والحروفُ رموزًا معنوية عميقة، أما بالنسبة لمن لا يقرؤونها، فتمثل تأثيراتٍ زخرفية يستخدمها الفنان.

وعلى الرغم من تأثره بالفن الغربي الحديث، يعده الكثيرون محافظًا على الفن التقليدي، ويطلقون عليه اسم العثماني الحديث والجمهوري التقليدي. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!