محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

عندما تقرأون بعض الأخبار ألا يحدث أحيانًا أن تتمنوا لو كانت "أخبارًا ملفقة"؟ 

ألا تصابون بخيبة أمل عندما ترون الولايات المتحدة في كل مؤامرة تستهدف تركيا، وأنتم تعتمدون عليها وتشاركونها أكثر معلوماتكم سرية، وتعتبرونها "حليفًا استراتيجيًّا" منذ أكثر من نصف قرن؟

الولايات المتحدة والإرهابيين

لست أدري إن كنتم قرأتم آخر خبر.

لنتذكر معًا...

من بين مقاتلي تنظيم داعش الذين غادروا الرقة تحت حماية الولايات المتحدة، هناك اثنان في غاية الخطورة. وهما إلهامي بالي ومصطفى دوكوماجيلر، ومعروف عنهما أنهما أصدرا تعليمات بتنفيذ هجمات دامية في تركيا. الاثنان غادرا الرقة، وهما في قائمة المطلوبين الأكثر خطورة في تركيا. 

عند قراءة هذا الخبر، هل تذكرتم السفير الأمريكي في أنقرة جون باس وتصريحه وهو يغادر العاصمة التركية إلى أفغانستان؟ باس قال إن "عدم وقوع هجمات إرهابية في تركيا منذ مدة طويلة يعود الفضل فيه للولايات المتحدة".

هل يمكن قبول ذلك؟

هناك مقولة مفادها "اللهم اكفني شر أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم". مع أن تأكيد واقعية هذه المقولة مفرح من الناحية الأدبية، إلا أنه أمر مؤسف أن يضطر المرء أن يعيشها... 

والأمر الأخطر هو احتمال أن تؤدي ردود أفعال وغضب الشارع إلى إبعاد سياستنا الخارجية عن مسارها.

الولايات المتحدة وغولن

المحاولات الأمريكية المخطط لها مسبقًا لاستهداف تركيا جعلت من التحالف الاستراتيجي بين أنقرة وواشنطن، وشراكتهما في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو) موضع جدل لدى الشارع التركي. 

وما زاد الطين بلة في هذا المشهد هو اتخاذ القضاء الأمريكي موقفًا داعمًا لتنظيم فتح الله غولن.

سياستنا الخارجية

يتحدد المسار العام للسياسة الخارجية وفق الضرورات الجيوستراتيجية والجيوسياسية، وليس بحسب ميول الشارع. ومن الطبيعي ألا يكون صائبًا تحديد السياسة الخارجية استنادًا إلى الغضب الشعبي في فترة تتشكل فيها تحالفات غريبة في الشرق الأوسط ويجري التخطيط فيها لإعادة رسم خرائط البلدان. وفي الحقيقة، فإن وزن تركيا في المنطقة ناجم عن استقرار سياستها الخارجية.

المحافظة على المسار

باختصار، مهما ثارت ثائرة غضبنا، في حال صبرنا وثباتنا على المسار العام لسياستنا الخارجية فإن الولايات المتحدة والناتو سيعودان إلى رشدهما. لأنه لا يمكنهما المجازفة بفقدان تركيا.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس