أكرم قزل طاش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

بات من المعلوم أن أمريكا تتولى حماية إسرائيل التي تتصرف منذ نشأتها كدولة إرهابية، كما أنه من المعروف أيضاً أن الرؤساء الأمريكيين يتجاهلون القوانين الدولية لأنهم بحاجة دعم اللوبي والإعلام والتمويل اليهودي.

ولكن كان وصول التصرفات غير القانونية التي لطالما حاولت أمريكا تبرريها بأنها معقولة ومنطقية إلى درجة التهور في عهد الرئيس ترامب -وخصوصاً عندما يكون الفلسطينيون ضحايا لهذه التصرفات- بمثابة الضربة القاضية بالنسبة إلى الفلسطينيين، إذ لم يقتصر قرار ترامب بشأن القدس على مناقضة قرارات مجلس الأمم المتحدة والقوانين الدولية فحسب، بل ناقض الفكر والمنطق أيضاً، كما وصف الرئيس أردوغان موقف ترامب بعبارة "إن ترامب يتصرف وكأنه وسيط عقاري".

ومن هذا المنطلق، فإن القرارات التي اتخذت من قبل قادة منظمة التعاون الإسلامي التي اجتمعت في إسطنبول بدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان تنص على اتخاذ الخطوات اللازمة ضد هذا التصرف البعيد عن الفكر والمنطق، وبذلك وجه قادة منظمة التعاون الإسلامي إلى أمريكا -التي تعتقد أنها تستطيع فعل كل ما تريد بالاعتماد على قوتها- رسالة تمثلت في عبارة متداولة جداً في اللغة التركية وهي "إن كان الأمر كذلك، فإليك الرد"، على الرغم من أن أمريكا تستحق أكثر من هذا الرد.

ومن غير الواضح حالياً عدد الدول التي ستستجيب للدعوة المطروحة خلال نتائج قمة منظمة التعاون الإسلامي التي تتضمن 56 دولةً إسلامية والتي تنص على الاعتراف بدولة فلسطين ذات سيادة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، كما سنرى خلال الأيام المقبلة إن كان هناك دول أخرى ستستجيب لهذه الدعوة أيضاً نتيجة غضبها تجاه ممارسات أمريكا وإسرائيل، وإن الإعلان عن نقل القضية إلى مجلس الأمم المتحدة في حال عدم تراجع أمريكا عن قرارها بشأن القدس يدل على وجود آليات أخرى أيضاً، في حين أن عدم الحيلولة دون المواجهة بين أمريكا ومجلس أمن الأمم المتحدة نتيجة رفض أمريكا للقرار الذي سيصدر ضدها بالتأكيد يشير إلى ضرورة إعادة النقاش حول بنية الأمم المتحدة.

تسببت مباردة ترامب إلى تنفيذ قرار القدس الذي تجنبه الرؤساء الأمريكيون منذ 22 سنة إلى الآن في حادثة يمكن توضيحها عبر مثال المجنون الذي يرمي حجرةً في البئر فيسعى أربعون عاقلاً لإخراجها ولا يتمكنون من ذلك، ومن الوضح التطورات التي ستجري عقب القرارات المتخذة في قمة التعاون الإسلامي ستؤدي إلى إحراج أمريكا ولن تترك لها مجالاً للمفر، في حين أن التراجع عن قرار القدس الذي لن تتمكن أمريكا من تنفيذه في الوقت الحالي يعني أنه سيصعب على ترامب التمسك بعرش السلطة، أما عدم التراجع فيعني أن الأوضاع ستكون أكثر صعوبةً بالنسبة إلى أمريكا نتيجة المواقف الثابتة التي أظهرتها الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي خلال اجتماع إسطنبول.

 وبغض النظر عن التوقعات حول مدى الرد على القرار الأمريكي فإن القمة التي عقدت في إسطنبول كانت تهدف بدايةً إلى التغلب على الضغوط النفسية لدى دول منظمة التعاون الإسلامي، إذ يمكننا القول إن جميع الممثلين الموجودين في قمة التعاون الإسلامي كانوا يستمتعون بتوجيه رسالة لأمريكا التي تتدخل في أمور لا تعنيها مفادها "لسنا مجبورين لتحمل هذا الهراء".

عن الكاتب

أكرم كيزيلتاش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس