ترك برس

نشرت دورية "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأمريكية تقريرا عن توسع النفوذ التركي في شمال أفريقيا، رأت فيه أن تركيا هي خيار العرب الوحيد لمواجهة إيران في الوقت الحالي، لأن مصر والسعودية ليسا في وضع يسمح لهما بقيادة العالم العربي، وغير قادرتين على مواجهة القوة الإيرانية.

إحياء النفوذ التركي في شمال أفريقيا

وتناول التقرير زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحالية للسودان وتونس وتشاد، واتفاقه مع الحكومة السودانية على إدارة ميناء سواكن على البحر الأحمر لمدة غير محددة. وقال إن استعادة هذا الميناء هو جزء من استراتيجية عثمانية جديدة أوسع لإحياء النفوذ التركي في المناطق التي كان يسيطر عليها العثمانيون.

وذكر الموقع أن تركيا لن تكون قادرة على إحياء امبراطوريتها القديمة إذا لم تتمكن من ضمان الحفاظ على بقائها، ومفتاح البقاء على قيد الحياة هو الحفاظ على سيطرتها على مضيق البوسفور الذي يفصل بين الأجزاء الأوروبية والآسيوية في تركيا.

وأوضح أن تأمين البوسفور يتطلب بناء مناطق عازلة حوله حيث يمكن لتركيا الحفاظ على قدر من التأثير ومنع القوى الأخرى من الاقتراب بما فيه الكفاية لتهديد السيطرة التركية. ويتطلب بناء هذا العمق الاستراتيجي ترسيخ قوتها على أجزاء من القوقاز يمكن أن تكون بمثابة نقاط اختناق لإبراز قوتها شرقا  باتجاه إيران، وتأمين  الأراضي العربية الواقعة غربي جبال زاغروس، وحماية أو السيطرة على حدودها مع أوروبا في جنوب البلقان؛ والدفاع عن نفسها في شرق البحر المتوسط.

وأضاف أن تركيا تواجه تحديات في جميع هذه المناطق، ففي القوقاز تواجه منافسة من كل من إيران وروسيا، وفي البلقان عليها أن تتعامل مع الروس والقوى الأوروبية الرئيسية، وإن كانت أوروبا أقل تهديدا لعدم وجود قوة رئيسية، وفي الجنوب  تستمر الحرب الأهلية السورية، وهناك حاجة إلى الكثير من المناورات السياسية، وربما العسكرية لكي ترسخ تركيا قدمها هناك.

منافسة أقل

ويلفت التقرير إلى أن شمال أفريقيا هو المكان الوحيد الذي يمكن أن توسع فيه تركيا وجودها في شمال أفريقيا بحيث تجد منافسة أقل نسبيا أو تراجعا من القوى الإقليمية الأخرى. وبالنظر إلى أن أوروبا تطل على البحر المتوسط، فمن الطبيعي أن يكون لها مصلحة في شؤون شمال أفريقيا. ولكن هذا الاهتمام يقتصر حاليا على وقف الهجرة إلى أوروبا.

أما الولايات المتحدة التي تحتاج إلى ضمان وصول بحريتها إلى البحر المتوسط، فهي تمتلك ذلك من من خلال شراكتها مع الناتو.كما أن الموارد التي خصصتها واشنطن لأفريقيا تركز في معظمها على العمليات الأمنية في منطقة الساحل والقرن الأفريقي.

وفيما يتعلق بروسيا التي أنشأت أخيرا قواعد عسكرية في البحر المتوسط ​​لدعم عملياتها في سوريا، فإن قاعدتها البحرية بعيدة في مدينة مورمانسك، والإبقاء على عمليات نشر طويلة وكبيرة في المنطقة صعب لوجستيا. ولذلك فإن جهود موسكو الرامية إلى توسيع نفوذها ستكون أفضل  في أماكن أخرى في الشرق الأوسط أو في مناطق استراتيجية أخرى.

وعودة إلى شمال أفريقيا يقول التقرير إن تركيا تستطيع استعادة نفوذها القديم حين سيطر العثمانيون عليه من خلال الاعتماد بشكل كبير على  القوة البحرية القوية والجهات الفاعلة المحلية. وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر، كان للبحرية العثمانية وجود قوي في البحر المتوسط، وحافظت على طرق تجارية إلى شمال أفريقيا في معظم هذه الفترة. وعندما حاولت بعض المدن الإيطالية السيطرة على هذه الطرق، فإنها فشلت في قطع طرق الإمداد البحري.

وينوه إلى أن الوجود الكبير للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في البحر المتوسط لن يمنع أنقرة من أن تثبت نفوذها من خلال الروابط السياسية والاستثمارات الاقتصادية.

ولكن التقرير يشير إلى إن هناك عددا من العقبات التي تواجه تركيا، وأهمها إيران، ذلك أن طهران التي تتمتع بعلاقات قوية مع حكومتى دمشق وبغداد، تعرقل مسار تركيا في سوريا والعراق. ولم تستطع الإمبراطورية العثمانية حتى في أوج قوتها أن تدفع الفرس بعيدا عن حدودها الشرقية بسبب عوامل جغرافية من بينها طول المسافة بين اسطنبول وشرق تركيا التي جعلت تزويد الجيش أمرا صعبا.

أما العقبة الثانية، فهي قلق العرب من التوسع التركي ومن ثم يرفضون التحالف معها، لكن العرب يحتاجون إلى قوة لمواجهة مع إيران، ذلك أن مصرليست في وضع يسمح لها بأن تكون زعيما عربيا. وما  تزال المملكة العربية السعودية تتعامل مع تداعيات اصلاحاتها الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط. ولا يمكن لأي من هاتين الدولتين مواجهة القوة الإيرانية، ومن ثم فإن الخيار الوحيد لمواجهة إيران هو تركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!