ترك برس

رأى مدير مكتب دراسات الشرق الإسلامي في إسطنبول الباحث مهنا الحبيل، أن تركيا ليست بحاجة للتجاوب مع أي حملات إعلامية مستفزة، ولها حق الرد كأي دولة قومية، لكن المبالغة في الملاسنات يضر بها في ظل التطورات الخطيرة في المنطقة.

وتطرق الباحث، في مقال بـ"الجزيرة"، إلى الخلاف الإعلامي السياسي الشرس حول قضية حصار المدينة المنورة والقائد العثماني فخر الدين باشا، التي أشعلت فتيل تعبئة لها جذورها الأعمق بين أنقرة من جهة، والإمارات والسعودية قبل أزمة الخليج وبعدها.

وقال الحبيل إن حزب العدالة والتنمية، وخاصة فريق الرئيس رجب طيب أردوغان، يحتاج هنا أن يراجع المشهد بهدوء، وألا يُستدرج إلى ملاسنات إعلامية، ويُحافظ على توازنه المهم، فقد حققت تركيا قفزة كبيرة في التوازن الإقليمي، حين نشرت قواتها مبكرا في قطر بناء على اتفاق الدفاع المشترك.

وأشار مدير مكتب دراسات الشرق الإسلامي في إسطنبول إلى أن تركيا ساهمت في منع عمل عسكري مدمر، وهي قضية وثقها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

لكن تفصيل حديث وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عنها الذي ورد في بلومبيرغ مطلع ديسمبر/كانون أول الجاري، وحديثه عن الرسائل التي تلقتها الرياض من جاريد كوشنر (صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومستشاره البارز)، ضد موقف الخارجية مهمة جدا، في شرح خطورة تلك الأبعاد، التي كانت ستعصف بالمملكة وقطر والمنطقة كلها.

وعليه فإن الموقف اليوم لتركيا إيجابي خليجيا، سواء في قطر أم الكويت، أم مع سلطنة عمان التي يتوقع تطوير العلاقة معها كشراكة توازن لا هيمنة، فهذه أصلا ليست واردة، أمام التواجد الغربي الضخم في الخليج، وأمام تجاذبات الوضع الإستراتيجي في المنطقة، علما أن سلطنة عُمان، لها بعد خاص كونها القوة الإقليمية العربية الأعرق، في منطقة الخليج.

وقال الحبيل إن هذا التوازن الذي ارتاحت له أوروبا، لقلقها على مصالحها في الخليج، من مشروع ترمب السابق، لا تزال تستفيد منه تركيا، فضلا عن قناعة الشريك والحليف القطري وتطور علاقاتهما، ولذلك تركيا ليست بحاجة للتجاوب مع أي حملات إعلامية مستفزة، ولها حق الرد كأي دولة قومية.

لكن المبالغة في هذه الملاسنات، وخاصة عبر موقع رئاسة الجمهورية يضر بها، والمنطقة تتوجه لمرحلة انتقالية خطيرة، نتمنى أن تعبر بسلام، وتعود فرص التواصل مع الرياض، إن قدّر للمنطقة أن تنجو مما هو أشنع.

وأضاف الباحث أن الجانب الثاني هو الحفاظ على التعاطف الإسلامي العربي، من خلال الموقف الإنساني في سوريا، إلى المساهمة في القرار الأممي لصالح القدس، فضلا عن المساحة الإنسانية والفكرية التي أتاحتها تركيا للإسلاميين المضطهدين في الأرض يمكن أن يستمر، دون تحويله كنظرية إلهام عاطفي تجسدها صورة البطل أرطغرل.

وشدّد على أن الواقع السياسي مختلف عن روح الدراما، ولذلك يحتاج العرب والترك في فريق العاطفة الحادة، أن يسعوا إلى تنظيم المشاعر، لتكون الرابطة أقوى وأعقل ولا يبالغ فيها، فهذه المبالغة قد تستخدم ضد علاقة تركيا بأخوتها العرب، أو تتسبب بردات فعل -كالذي جرى في العراق وسوريا- لكن لم تسمع كل أصواته اليوم.

واعتبر أن أمام حزب العدالة تحديات كبرى، ونجاح الرئيس أردوغان في تصحيح العلاقة مع ألمانيا، يعطيه زخما جيدا، خاصة في مرحلة، يحتاج أن تبني فيها تركيا العدالة، منهجية تحييد ومصالح، وبعض الخطب العاطفية تضر بها كثيرا.

ولفت إلى أن الهدوء في العلاقة مع محبيها العرب، وعدم التوسع في استدعاء الصراع العربي التركي المر، والبناء على لغة التوازن والوحدة الأممية ومصالحها، أسلم لتركيا وحلفائها العرب، بمن فيهم الإسلاميين.

وأوضح أن من حق تركيا، استعادة البعد الحضاري، والهوية لشعبها مع الدولة العثمانية، والمشتركات الإسلامية الفكرية، لكن طرحها كمنظومة علاقات سياسية واجبة على كل المسلمين هي مسألة خطيرة للغاية.

وبيّن أن ما جرى مؤخرا من استدعاء صدامات دموية بين الأهالي والشعوب في مناطق عربية مختلفة مع سلطات ومفارز الجيوش العثمانية في مواجهاتها لخصوم سياسيين في مناطق عربية عديدة، يجب أن يعزز الحذر في قضية بسط هذا التاريخ كمرجع.

وتابع: هناك ثغرات كبرى، لو سلط عليها الضوء بخطاب يسعى لنقض علاقات الأتراك وإخوتهم العرب، والتي يعتبر رابطها الأساسي هو العهد الرسالي الإسلامي لا تجارب التاريخ، منذ بني أمية حتى اليوم، فإن هذا الخطاب سيستخدم كل حوادث التاريخ الدموية، لتفتيت هذه العلاقة لمصالح الغرب وإسرائيل وإيران ببعدها الطائفي لا الشرقي المسلم التضامني الذي ندعوها إليه.

ويتأكد ذلك خاصة في ظل تحالف محور خليجي مع ترمب والسياسات الإسرائيلية، وهي دعوة أوجهها من خلال فهمي على الأقل لتاريخ الخليج العربي، فبنية العلاقات الهادئة الواثقة، بين العدالة التركي والعرب، كانت تطرح الهوية الإسلامية المشتركة، والاتحاد الحضاري والسياسي المصلحي، لأطراف الأمة وليس تقديس التاريخ العثماني، وقد كانت نظرية موفقة، وهو ما نحتاج للعودة إليه اليوم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!