ترك برس

يصحبنا الصحفي التركي "دنيز يلماز أكمان" في جولة سياحية ليعرفنا على معالم حي "وفا" (Vefa) الأثري في إسطنبول، وهو مُكتَسٍ بالحلة الثلجية البيضاء. 

يقع حي وفا في منطقة الفاتح المطلة على خليج القرن الذهبي وسط مدينة إسطنبول، وقد سُمّي بهذا الاسم نسبة إلى العالم المتصوف الشيخ "وفا أفندي" الذي قدم من مدينة قونية وأصبح عالما من علماء السلطان محمد الفاتح ومن بعده بيازيد الثاني، كما أنشئ مجمع ديني في الحي سمي باسمه أيضا.

يعود تاريخ الحي الأثري إلى الحقبة الرومانية حين كان من أهم المناطق في شرق الإمبراطورية الرومانية، وبعد فتح إسطنبول أصبح من أهم مراكز التصوف في العهد العثماني.

كما أصبح مكانا لإقامة الطبقة البرجوازية من التجار لقربه من ميناء "أونكاباني" Unkapanı، وما زال محافظا على شكله حتى يومنا هذا. وكان أول معلم أثري نزوره فيه هو جامع شاه زاده Şehzade Camii الذي بناه المعماري سنان عام 1543 بأمر من السلطان سليمان القانوني تكريما لذكرى وفاة ابنه شاه زاده محمد الذي توفي في عمر يناهز 22 عاما.

للجامع 14 قبة ومئذنتان، وتحيط به حديقة تتوزع بينها الأروقة والأعمدة وفي وسطها شجرة ضخمة، ويتميز أيضا بزخارف جميلة عند مدخله.

كانت الثلوج الكثيفة قد أغلقت معظم الطرقات مما أدى إلى صعوبة المشي، مما اضطرنا إلى سلوك الشارع الخلفي للجامع والانتقال من زقاق ضيق إلى آخر حتى وصلنا إلى ثانوية "وفا" التاريخية الموجودة في شارع "دهده أفندي".

تشتهر المنطقة أيضا بدكان قديم يقدم نوعًا من المشروب الساخن اللذيذ اسمه "بوظا" Boza الذي يشعرك بالدفئ في الأجواء الباردة ويزين بحبات الحمص المحمصة والقرفة الزكية. ولهذا الشراب حكاية قديمة، فيحكى أن شابا جاء من البلقان إلى إسطنبول عام 1876 اسمه "صادق" أخذ ببيع "البوظا" متنقلا بين شوارع المدينة إلى أن تطورت تجارته بعد فترة من الزمن وفتح دكانا لبيعه، وحرص على عدم فتح فرعا آخر للحفاظ على أصالة وعراقة هذا المشروب، ولهذا فإن صاحب هذا الدكان "إسماعيل بيه" عندما اشترى الدكان لم يغير اسمه وفاءً لصاحبه الأصلي.

وبعد ذلك وجدنا دكانا مقابل محل "البوظا" اسمه "كازوز وفا" Vefa Gazozcusu يبيع مختلف أنواع الكازوز من كل أنحاء تركيا. 

تابعنا جولتنا لنصل إلى مكتبة "عاطف أفندي" Atıf Afendi الأثرية الملونة بالأخضر والوردي، والتي تقع عند نهاية جامع الشيخ وفا وهي مبنية على الطراز العثماني في عهد السلطان محمود الأول بين عامي 1730 و1754، كما يمكنكم في الجهة المقابلة مشاهدة جامع "مولا غوراني" Mola Gürani Camii الذي كان كنيسة في الحقبة البيزنطية بين القرنين العاشر و الحادي عشر.

وفي نهاية المطاف كانت محطتنا الأخيرة في مطعم "كارادينيز" (Karadenin Pide ve Kebap Salonu) الذي يقدم أشهى الفطائر والمشويات التركية.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!