ترك برس

تناول مقال تحليلي للكاتب والباحث في الشؤون الدولية والاستراتيجية "علي حسين باكير"، تغريدات نشرها مؤخرًا وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات العربية المتحدة "أنور قرقاش"، عن "التنافس الجيو-استراتيجي" ودور تركيا أو إيران في المنطقة.

وقال الوزير الإماراتي، عبر حسابه في موقع "تويتر"، إنه في "التنافس الجيوستراتيجي الجاري في المنطقة، الحاجة أكثر إلحاحا لتعزيز المحوّر العربي وعموديه الرياض والقاهرة"، وأن "التنافس الإقليمي على العالم العربي حائط صده عربي".

واعتبر قرقاش أن "هناك عدة محاور إقليمية تتقاطع في رغبتها بتوسيع نفوذها على حساب العالم العربي، أطماعها تغطيها الطائفية والحزبية، والرّد العربي مطلوب وعبر تكاتف وتعاون وتنسيق يدرك أبعاد ما يجري".

ولفت إلى أن "النظام العربي في مأزق والحل في التعاضد والتكاتف والتعاون أمام الأطماع الإقليمية المحيطة، المنظور الطائفي والحزبي ليس بالبديل المقبول، والعالم العربي لن تقوده طهران أو أنقره بل عواصمه مجتمعة".

وتعليقًا على التغريدات، رأى باكير في مقاله المنشور على صحيفة "عربي21"، أن المتمعّن فيها يستطيع أن يدرك بسهولة أنّ المسؤولين في العالم العربي يعيشون في عالم افتراضي منفصل عمّا تعيشه الشعوب في عالمنا الحقيقي على أرض الواقع.

وأضاف باكير أن قرقاش يدعو الى استنهاض ما هو غير موجود أساساً، يدعو "النظام العربي" الى تكاتف وتضامن ورد موّحد، في وقت يعيش فيه العالم العربي ما يمكن تسميته بمرحلة الانحطاط العظيم، فهو في حكم المنهار تماماً من ناحية جمعيّة، ولذلك فإن ما يسمى "النظام العربي" قد تخطى من زمن طويل مرحلة الازمة الى مرحلة القاع، وهو لم يعد موجوداً من الناحية العمليّة.

أمّا الدول العربية، فغالبيتها الساحقة تحوّلت الى دول فاشلة أو مدمّرة أو محتلّة أو منهوبة أو تدار بالوكالة، والقلّة الباقية تدفع نفسها بشكل سريع للإلتحاق بهذه الثلّة بأسرع مما نتصوّر.

ولذلك - يضيف الباحث - فإن دعوة قرقاش الى التعاون والتكاتف هي دعوة مأزوم لا تتسّق مع ما يقوم به المحور الاماراتي- السعودي لاسيما في الأشهر الثمانية الماضية من تقويض لأسس التعاون والتكاتف في المنطقة، واستبدال ذلك بالفرقة والتشظي والخصومة والعدوان.

وتابع المقال: كيف يمكن لعاقل ان يفهم الدعوة المتكررة للتكاتف والتعاون في الوقت الذي تدفع فيه سياسات المحور الاماراتي- السعودي الى انفضاض الغالبية الساحقة ممّن يناشدهم اليوم عنه.

بدأ الأمر بقطر، لكنّه امتد ليشمل الاخوان المسلمين ومن ثم الإسلاميين ثم سرعان ما إتّسعت دائرة العداوة التي تنشرها السياسات الخرقات لهذا المحور لتشمل دولا ومجموعات ومسؤولين وأفرادا آخرين بدءاً بتركيا ومروراً بلبنان ومن ثم الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية وأخيرا ولكن ليس آخراً السودان وتونس، فأي تكاتف يدعو إليه المسؤول الاماراتي؟

مثل هذه الحروب خاسرة قبل أن تبدأ، والتصريحات الاستهلاكيّة لا يُبنى عليها أي شيء، لكنّها من المفترض أن تدفعنا الى طرح السؤال الصحيح، لماذا تتصدى الدول غير العربية للقضايا العربية؟

الجواب بكل بساطة هو انّ الدول التي لا تمتلك إلاّ النواح والصراخ إزاء هذا الامر، هي دول غير مؤهّلة لتقود، ولا تمتلك الامكانيات اللازمة لذلك لاسيما من الناحية البشرية حيث تعتبر امكانياتها في هذا المجال محدودة جداً ويعرفها الصديق قبل العدو.

عندما تأبى هذه الدول الا ان تسلخ نفسها عن عمقها التاريخي والثقافي والحضاري لتلتصق بثقافة الماكدونالد وما هي منها، فانّ النتيجة الحتميّة لمثل هذا العبث هي انها ستخسر الاولى ولن تكسب الثانية.

ومن الطبيعي في هذا السياق ان تملأ دول أخرى الفراغ الذي تتركه هذه الدول العربية، وليس للإمارات أو السعودية او مصر حينها ان تلوم الآخرين، فلا أحد يمنعهم من الإمساك بزمام الأمور وقيادة العالم العربي والتصدي للقضايا العربية الا غياب الأهلية والإرادة، وهذه حقيقة أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم في العالم العربي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!