ترك برس

خلال زيارته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يعتزم زيارة أنقرة قريباً. قبول ولي العهد السعودي لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي حملها يلدرم، جاء في اتجاه مختلف عن اللغة الإعلامية المتوترة والمتصاعدة من الرياض ضد تركيا.

في هذا الإطار يرى مدير مكتب دراسات الشرق الإسلامي مهنا الحبيل، أن زيارة يلدريم الأخيرة إلى الرياض، هدّأت التوتر، وحدّت من الشراسة الإعلامية المتزايدة مؤخراً بين الطرفين، متسائلاً: هل الزيارة ستتم قريباً؟ وهذا مرجح، وإذا جرت فهل ستحقق انعطافة كبيرة في علاقة الدولتين المركزيتين في الشرق الإسلامي؟

ويقول الباحث السعودي، في مقال له نُشر على موقع "الجزيرة نت"، إن قيادات حزب العدالة والتنمية منذ صعودها، تحافظ على شعرة معاوية مع الرياض مهما بلغ الخلاف، وبالتالي يمكن أن تُفهم هذه الدعوة بكونها تأكيدا لاستبعاد الرياض من مواجهة أنقرة الأخيرة مع أبو ظبي، والتي يبدو أنها انكسرت حدتها ولم تتحول إلى أزمة دبلوماسية ولا حتى إجراءات عقابية، وإنما كانت ردًّا إعلاميا حازما، لعل أنقرة اكتفت به ليوجه رسالة حادة لأبو ظبي، القوية في منظومة الاقتصاد التركي وذات الاستقطاب المؤثر فيه.

ويضيف الحبيل أن ملف أزمة قطر الذي يعد إحدى أسباب تصاعد التوتر بين أنقرة والرياض، قد يكون السبب في تقارب الجانبين ومدخلاً لمرحلة جديدة في العلاقات، خاصة إن كانت أنقرة بلّغت مخاوفها من تهديدات جدية رصدتها تركيا لمستقبل الدولة السعودية وتقسيمها، وأن أنقرة قلقة جدا من مسألة سقوط الدولة السعودية، لكونه مقدمة تهديد لسقوط تركيا، بحسب قناعات المسؤولين الأتراك، على حد قوله.

وبحسب المفكر السعودي فإن جدول المصالح التركية السعودية وحاجة كل من الدولتين فهو قائم وواسع، حيث يتساءل الكاتب هل أراد ولي العهد السعودي أن يوجه رسالة إلى المحيط الإقليمي بأنه يتعامل واقعياً خلاف سياسات فريقه الإعلامي ولو على الأقل في بحث الحد الأدنى من صفقات المصالح؟ هذا راجح هنا، وقد يمثل له نوعا من بناء الثقة الجديد مع تركيا كمحيط إقليمي.

وأورد الحبيل أنه رغم الخسائر التي تعرضت لها السعودية مؤخراً -عبر التقدم الإيراني واستعدائها لدول عديدة في المنطقة- فإنّ أنقرة لا تريد أن تُحسب ضمن تحالف استراتيجي مع إيران على حساب العمق السُّني الذي يوليه الرئيس أردوغان اهتماما خاصا، كقاعدة سياسية ضمن فكرة عودة الدولة التركية الإسلامية الجديدة.

وتابع: "وسواء أَأُنجز اتفاق سوتشي الذي لا يُعرف هل عودة حديث الرئيس التركي عن استحالة بقاء بشار الأسد اليوم مقدمة للانسحاب منه، أم هو تعبيرات خطابية لن تمنع من إنجاز الاتفاق؛ فقد تزايدت الشكوك كثيراً بعد سماح أنقرة لقوى المعارضة السورية الميدانية والسياسية فيها بالتعبير عن رفضها للاتفاق الذي باركته تركيا سابقا."

ومن منظور الكاتب يُلاحظ أن أنقرة تبدو -بعد انهيار مشروع الانفصال السوري الكردي، وتصدع نظيره العراقي- أكثر ارتياحاً، وحتى الاضطرابات الإيرانية قد تصب في صالحها، لإضعاف مصالح موسكو وطهران أمامها؛ متسائلاً عما يعنيه الرئيس أردوغان بحديثه الجديد عن التقسيم؟ ومن يقصد به؟

يجد المفكر السعودي في هذا مدخلاً آخر للعلاقة مع الرياض، وأوّله أن تطرح وحدة للموقف بين منصتيْ الرياض وأنقرة أمام سوتشي، بمعنى أن يكون هناك اتفاق ضمني على خلاصة موقف بين الرياض وأنقرة من اتفاق سوتشي لتعديله، أو لاستبداله عبر تحالف ثنائي يتفاوض مع موسكو، وتعود حلقة البحث الإقليمي التي انقطعت في ملفات مصالح أخرى، وإن كانت لم تحقق أي اختراق سابقا.

واختتم الحبيل مقاله بالتطرق إلى الأزمة الخليجية، الذي يعتبره ملفاً سيتم التعامل معه بسرية بالغة، حيث يرى بأنه ليس من المعقول أن يتم لقاء أنقرة دون أن يُبحث هذا الملف، وقد يكون مواصلة فريق ولي العهد السعودي الإعلامي خطاب الملاعنة الكريه جزءاً من الضغط الأخير قبل حصول اتفاق ينهي الأزمة، وتخرج به السعودية -بصفة ودية- طرفا غير خاسر ولا منتصر، وتنظمه أنقرة، وإن كان هذا لا يضمن لأحد، بعد جرد الحساب الصعب في الأزمة، على حد قوله.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!