نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

أول مهمة لأجهزة الاستخبارات هي حماية القادة السياسيين والعسكريين والدبلوماسيين والتكنوقراطيين من المفاجآت السيئة. والرأي العام يقيس قدرة الأجهزة المذكورة بحسب هذا النوع من المفاجآت. ثمن خطأ الاستخبارات قد يكون فقدان دعم الشارع بالنسبة للسياسيين، وخسائر بالنسبة للعسكريين، والوقوع في موقف حرج بالنسبة للدبلوماسيين. ويُطلب من أجهزة الاستخبارات أيضًا تقديم إسهامات خلال عملية اتخاذ القرار من جانب المسؤولين والمؤسسات في الدولة.

من جهة أخرى، لا غنى عن جهاز الاستخبارات الجيد بالنسبة للدولة من ناحية تحقيق أهداف وتنفيذ العمليات السرية. وهناك مسؤولية أخرى لأجهزة الاستخبارات، وهي تدريب العناصر، وتلعب عمليات التأهيل والتعليم والكفاءة والخبرة دورًا هامًّا. ولهذا لا يوكل عمل الاستخبارات إلى أي كان.

وأخيرًا، الاستخبارات هي نشاط سري للدولة. فهوية العاملين وهيكل المؤسسة وأساليب عملها وقدراتها ومواردها وعلاقاتها ونوايها، كل ذلك سري، وهذا ما يجعل المؤسسة قوية. ولهذا تعمل الدولة على تأمين سرية الاستخبارات عن طريق القوانين، وليس عبر ثقافة المؤسسة وقوانينها الداخلية فحسب، ومع ذلك تحدث اختراقات.

واجهت أجهزة الاستخبارات التركية في الآونة الأخيرة تجارب سيئة، على شكل أربع موجات، انتهكت سريتها وجرتها إلى أزمات.

الموجة الأولى كانت المعلومات والوثائق المسربة خلال الدعاوى الملفقة على يد تنظيم "غولن". والثانية كانت في عمليات 17 و25 ديسمبر، بحسب وزير الداخلية فإن 95% من عناصر استخبارات مديرية الأمن كانوا على ارتباط بتنظيم "غولن". الموجة الثالثة كانت في المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف 2016، وما تلاها من أحداث. أما الموجة الرابعة فتختلف في طبيعتها، وبدأت مع اختطاف مسؤولين اثنين من جهاز المخابرات على يد حزب العمال الكردستاني في أغسطس/ آب الماضي.

مع أن الاختراق والخيانة وانتهاك الثقة تشكل كابوسًا في عالم الاستخبارات، إلا أنه لا يمكن الحيلولة دونها بشكل كامل، كما هو الحال في حالة إدوارد سنودن. لكن في حال عدم وجود تعمد فإن الأمر يتعلق بخطأ استراتيجي، وإذا كان الأمر ناجمًا عن الإهمال فهذا يعني وجود مشاكل يجب أخذها على محمل الجد.

نعيش اليوم في عالم حافل بالغموض والمفاجآت. يتعلق استشراف صانعي القرار لما يقف في مواجهتهم، وحمايتهم من المفاجآت بأجهزة الاستخبارات.

وأمام صانعي القرار الأتراك قائمة طويلة حافلة بالغموض. العلاقات مع روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والمستجدات المتعلقة بالتطورات في سوريا والعراق وإيران، فضلًا عن مشكلتي حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن.

كل بند من هذه البنود ربما يكون حافلًا بالمفاجآت، ويتطلب اتخاذ قرارات هامة. ولهذا فإن الموجة الرابعة تستحق التوقف عندها والتمعن فيها. ينبغي التفكير خصوصًا على الصعيد السياسي والعسكري ومكافحة الإرهاب، في كيفية حدوثها، وماهية الأضرار التي ألحقتها بالجهاز، وتأثيرها على عمليات اتخاذ القرار.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس