ترك برس

ظهرت في الآونة الأخيرة ملامح هجوم إعلامي شرس ضد تركيا، عبر وسائل متعددة تتّبع أسلوبًا موحدًا يتمثل في استخدام أقلامٍ لطالما عُرفت بولائها لجهات معادية لحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم، وخاصة ما تم تسميته بـ"الكيان الموازي" أو منظمة "فتح الله غولن" التي صنّفتها السلطات التركية في قائمة الإرهاب، والمسؤولة عن محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.

هذا الهجوم الشرس، يحظى بترويج ودعم مالي ضخم من بلدان عربية وغربية، إذ كشفت العديد من التقارير تحركات القائمين عليه، والتي تكثّفت عقب فشل الانقلاب العسكري ضد الحكومة الشرعية والرئيس المنتخب رجب طيب أردوغان، يوم 15 يوليو/ تموز 2016، بحثًا عن سبل جديدة من شأنها عرقلة نهضة تركيا والحيلولة دون زيادة تأثيرها العالمي، سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا.

ففي أيلول/ سبتمبر من عام 2017، كشف المغرّد السعودي الشهير "مجتهد"، الذي يُتبابعه أكثر من مليوني مستخدم بموقع "تويتر" العالمي، عن إطلاق بلدين عربيين حملة بميزانية ضخمة لاختراق الإعلام التركي وشراء إعلاميين ومؤسسات ومواقع إخبارية، بهدف شحن الرأي العام ضد أردوغان وإزاحته بثورة شعبية أو بانتخابات، فضلًا عن قلب الموقف التركي ضد دولة قطر.

 

وبالفعل، وبعد أربعين يوما من تغريدات "مجتهد"، انطلق موقع إخباري تحت مسمى "أحوال تركيّة"، يتولى رئاسة تحريره "ياووز بيدار"، ويرأس القسم التركي فيه "إلهان تانير"، بينما يتولى "إرغون باباهان" رئاسة القسم الإنجليزي، و"غسان إبراهيم" رئاسة القسم العربي.

ويعدّ "بيدار" و"تانير" و"باباهان"، من أهم عناصر "الكيان الموازي" الذين يعملون في مجال الإعلام لصالح "فتح الله غولن" المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد هربوا من تركيا إلى دول أوروبية بعد الإجراءات الأمنية التي بدأتها السلطات التركية ضد المنظمة المتهمة بالتغلغل داخل أسلاك الدولة منذ أعوام والقيام بأنشطة تضر البلاد لصالح مشاريع وقوى خارجية.

أمّا "غسّان إبراهيم"، فهو صحفي سوري عمل سابقًا كمدير لمركز الدراسات في جريدة العرب اللندنية، ويُعرف بعدائه الشديد لتركيا ويهاجمها بصور متكررة وملحوظة، وخاصة عبر قنوات "بي بي سي" و"العربية" و"الحدث" و"سكاي نيوز"، التي احتفت بالمحاولة الانقلابية خلال ساعاتها الأولى ونشرت أخبارًا كاذبة مثل نجاح الانقلاب وطلب أردوغان اللجوء إلى دول أوروبية أو ما شابه.

وبحسب تحقيق صحفي أجراه "محمد سولماز"، وهو إعلامي تركي مقيم في العاصمة البلجيكية بروكسل، فإن موقع "أحوال تركيّة"، أجرى مقابلة مع "يافوز بيدار" بهدف الترويج له، أبدى خلالها الأخير الملاحظات التالية التي يمكن أن تجيب عن كثير من الأسئلة: "بعد محاولة الانقلاب مباشرة، غادرت تركيا بسبب حدسي القوي بأننا نحن الصحفيين سوف نتعرض لمتاعب أسوأ... اتصلت بي المجموعة العربية للاستثمار التي تعمل حصرا في مجال الإعلام في لندن منذ مدة طويلة".

ويُضيف بيدار: "ورؤيتهم (المجموعة) مهنية تماما: كانوا يفكرون أن دولة مهمة مثل تركيا بمجتمعها النشط ليست ممثلة بما فيه الكفاية، وهناك فجوة في هذا الصدد... لديهم رؤية تعددية وعلمانية وتشاركية للصحافة مع التركيز على حقوق الإنسان، واتفقنا على المعايير المهنية الأساسية".

يقول "سولماز" إنه وبعد قراءته لهذه الكلمات، تذكر اجتماعا عقده في حزيران/ يونيو مع زميل بريطاني له في لندن، على صلة وثيقة بالشركة الإعلامية التي تملك صحيفة "آراب ويكلي"، حيث يكتب ياووز بيدار عمودا صحفيا.

وخلال اجتماعهما، قال زميل "سولماز" إن هذه المجموعة الإعلامية، التي تملكها دولة الإمارات العربية أعلنت حربا شاملة على تركيا بعد عقد اجتماع حول الموضوع وطالبت بجهود إضافية من الجميع في هذا الصدد.

التفاصيل التالية مهمة أيضا: موقع "بي 24" أو "منصة الإعلام المستقل" الذي شارك بيدار في تأسيسه، تموله منظمة المجتمع المفتوح (OSF) التي يملكها جورج سوروس.

ويحصل بيدار وكثير من الصحفيين إما على مساعدات مالية مباشرة من منظمة المجتمع المفتوح أو المنظمات الشريكة لها، أو يكتبون مقالات مقابل أموال للمنصات التي تشارك في الدعاية السوداء، مثل مؤشر الرقابة "Index on Censorship".

في سياق متصل، يقول الكاتب الصحافي الألماني، جوزيف كرواتورو، في مقال تحليلي نشره موقع "قنطرة"، إن "أحوال تركية" يريد التعبئة ضد أردوغان وحكومته بخطاب مخيف أحياناً، ويضرب مثالاً على ذلك بـ"إلهان تانير"، الذي يرى في تحليل له أن تركيا باتت في طريقها لتصبح دولة "شمولية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!