ترك برس

تابعت الصحف والمجلات البريطانية عن كثب، مجريات عملية "غصن الزيتون" التي أطلقتها القوات المسلحة التركية، مساء السبت الماضي، ضد ميليشيات "وحدات حماية الشعب" (YPG) في منطقة "عفرين" بريف محافظة "حلب" السورية.

وذكر تقرير لصحيفة "إندبندنت"، أن دخول القوات التركية منطقة عفرين بشمال سوريا قد يعني أن الأزمة السورية المستمرة منذ سبع سنوات بدأت تدخل مرحلة جديدة، وفق شبكة الجزيرة القطرية.

وتقول إندبندنت إن تركيا تخطط لإقامة منطقة آمنة تخضع لسيطرتها بعمق 19 ميلا. ووفقا للجيش التركي فإن مقاتلاته ومدفعيته ضربت حتى الآن 153 هدفا هناك.

ويرى كاتب التقرير باتريك كوكبرن، أن الهجوم التركي يجعل ما وصفه بـ"لعبة الشطرنج السياسية والعسكرية" المعقدة في سوريا أكثر تعقيدا من ذي قبل، وأنه سيضع الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع حليفتها بحلف شمال الأطلسي (ناتو) تركيا، بما أن شريك أميركا في سوريا هو وحدات حماية الشعب التي دعمتها ضربات جوية أميركية أدت إلى الاستيلاء على مدينة الرقة من تنظيم الدولة في أكتوبر/تشرين الأول.

وقال كوكبرن إن "مستقبل هذه الجيب شبه المستقل المعروف لدى الأكراد باسم "روج آفا" -منطقة الإدارة الذاتية في شمال سوريا- أصبح الآن معلقا في الميزان".

وألمح كوكبرن إلى أن "الأكراد في سوريا ليس لديهم خيار كبير، لأنهم محاطون بأعداء ولم تعد هناك حاجة إليهم ضد تنظيم الدولة بعد دحره، كما أنهم شاهدوا ما حدث لأكراد العراق، الذين استغلوا أيضا الحرب مع التنظيم لبناء دولة مستقلة وفقدوا كل مكاسبهم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد محاولة الضغط الطائشة بإجراء استفتاء على الاستقلال".

ومع أن وحدات حماية الشعب أقوى شكيمة من البشمركة العراقية، فإن "عفرين منفصلة عن بقية روج آفا ويصعب الدفاع عنها، وفقدانها لا يعني هزيمة نهائية لأكراد سوريا ولكنه قد يكون الشكل الذي ستؤول إليه الأمور مستقبلا"، وفق الكاتب.

في السياق، أشار تحليل بصحيفة التايمز إلى أن الحرب الأهلية الفوضوية في سوريا أصبحت أكثر فوضوية وأنه مثلما كان الحال في لبنان قبل ربع قرن انتهى الأمر بكل الأطراف في سوريا إلى الاقتتال.

وقالت الصحيفة إن القتال بين تركيا ومدينة عفرين يضع حليفا قديما لأميركا بالناتو في مواجهة حليف جديد لها في مليشيا وحدات حماية الشعب، وفي المقابل حليف روسيا القديم مليشيا وحدات الشعب في مواجهة صديق موسكو الجديد تركيا.

كما أنه يضع مجموعتين من المقاتلين السابقين في الجيش السوري الحر بعضهم ضد بعض، حيث يقاتل البعض نيابة عن تركيا وآخرون في تحالف مع وحدات حماية الشعب.

وألمحت الصحيفة إلى أن نظام الأسد وراعيته إيران قد يسخران من هذا التفكك في السياسة الأميركية، لكنها نبهت إلى عدم إظهار هذه السخرية بشكل كبير، لأن هدف تركيا المعلن واضح بما فيه الكفاية، وهو تدمير الجيب الموجود على حدودها المتمثل في وحدات حماية الشعب، الفصيل السوري التابع لعدو أنقرة الأكبر مليشيا حزب العمال الكردستاني.

وبتدخلها الآن تعبر تركيا عن حقها في عدم تجاهل مصالحها مع وصول الحرب السورية إلى هذه الخاتمة. وإذا أصبح لتركيا موطئ قدم على طول الحدود الشمالية فستبدأ سوريا تبدو محاطة إلى حد ما، مما يجعل الحرب أقل إهانة لأميركا وحلفائها مما بدت عليه فيما مضى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!