ترك برس

أشارت شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أظهر فطنةً سياسية كبيرة في تعامله مع النزاعات في منطقتي "عفرين" و"إدلب" شمالي سوريا، فهو يمارس الضغط على الولايات المتحدة وروسيا لتحقيق أهدافه الاستراتيجية طويلة الأجل.

وقالت الشبكة الأميركية إن عملية "غصن الزيتون" العسكرية التي تقوم بها تركيا في مدينة عفرين السورية، معقدة جداً، وتمثل تهديداً أيضاً لعلاقات تركيا مع الولايات المتحدة لكن أردوغان نجح في الاستفادة من التوتر الأميركي الروسي الحاصل الآن، وفق ما أورد موقع "هاف بوست".

كما اعتبرت الشبكة الأميركية أن هناك تنسيقاً واضحاً بين تركيا وروسيا في هذه العملية، خاصة مع التصعيد الذي وقع في مدينة إدلب، التي تعد المعقل الأهم والأخير لقوات المعارضة السورية المسلحة، ومن ثم استفادت أنقرة من التصعيد في إدلب، واستغلت الفرصة بشكل جيد من أجل تأمين حدودها الجنوبية.

وشنّت مساء السبت مقاتلاتٌ تركية مدعومة بسلاح المدفعية، إضافة إلى قوات برية عملية "غضن الزيتون" على مدينة عفرين، الواقعة شمال غربي سوريا، التي يقطن أغلبها سوريون أكراد، ولكن يوجد فيها قوات وحدات حماية الشعب (YPG)، التي تصنفها تركيا بأنها منظمة إرهابية.

وتضيف فوكس نيوز أن العملية العسكرية في عفرين، ستمثل تحدياً جديداً للأتراك، يتمثل في الحفاظ على تحالفهم القديم مع واشنطن، وتعزيز تقاربٍ جديد مع موسكو.

وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تجد فيه سوريا نفسها مرةً أخرى على حافة اندلاع نزاعٍ جديد، بعد شهورٍ من محاولات الحد من العنف، وزيادة خطط تحقيق الاستقرار في فترة ما بعد الحرب.

وفي الوقت نفسه، يهرب عشرات الآلاف من السوريين في الشمال الغربي من العنف المتجدد، وسط هجومٍ جديد لنظام الأسد على إدلب المجاورة، ويتقاربون على الحدود التركية ويبثون المخاوف من موجة هجرة جديدة.

وكانت تركيا أرسلت قبل أيام قوات ودبابات إلى الحدود، وحشدت مقاتلين من قوات الجيش السوري الحر لمحاربة قوات (YPG)، التي يتراوح عددها بين 8 آلاف و10 آلاف مقاتل.

تعزو الشبكة أن السبب وراء التصعيد التركي، وشن العملية العسكرية هو تصريحات أميركا بإنشاء قوة حدودية قوامها 30 ألف عنصر من (YPG)، لتأمين حدود المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، بما في ذلك مع تركيا والعراق، لمنع عودة ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

إذ أعلن قبل أيام وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عن إنشاء بلاده لقوات حدودية كردية مع تركيا، قوامها 30 ألفاً، وأن القوات الأميركية في سوريا ستبقى لوقت طويل.

وبحسب فوكس نيوز فإن روسيا قد دعمت تركيا في العملية العسكرية في عفرين، أو على الأقل لن تتدخل في مواجهة مع أنقرة، خاصة في هذا الوقت.

وبعد ساعات من بدء العملية العسكرية، سحبت روسيا قواتها من مدينة عفرين، تحاشياً لوقوع صدامات مع القوات التركية التي انتشرت في محيط المدينة، والمدعومة بعناصر من قوات الجيش السوري الحر المدعوم من أنقرة.

وقبل أسابيع شنَّت تركيا مناورةً عسكرية للحد من عمليةٍ عسكرية موسعة، أطلقها النظام السوري في منطقة أبو ظهور بإدلب، وهي أكبر المناطق التي ما زالت تسيطر عليها فصائل المعارضة في سوريا، ولاذ عشرات الآلاف بالفرار، بعد اتفاق على خفض التصعيد في هذه المناطق.

وقالت جينيفر كافاريلا من معهد دراسات الحرب: "أعتقد أنَّ تركيا اختارت اللحظة المناسبة لهذه العملية، فهي تتصرف بشكلٍ حاسم لتنفيذ القرارات. إنَّها ليست ضربة ذكاء فقط، بل لحظة مؤثرة للحكم والاستراتيجية العسكرية".

وأضافت: "هل يلعب أردوغان بالنار؟ لا على الإطلاق، لكنَّها مجازفة هو مستعد لتحمل عواقبها، خاصةً أنَّه تمكن من تحويل تركيز روسيا إلى ممارسة الضغط على واشنطن"، بحسب فوكس نيوز.

وتهتم روسيا وإيران وتركيا بالحد من الوجود الأميركي في سوريا، واحتجت كلٌّ منها على خطط واشنطن لإنشاء القوة الحدودية، التي تعد محاولةً أميركية لخلق منطقة عازلة لا نفوذ فيها لإيران أو النظام السوري.

وبحسب الشبكة الأميركية، في تعامله مع النزاعات في عفرين وإدلب، أظهر أردوغان فطنةً سياسية كبيرة فهو يمارس الضغط على واشنطن وموسكو لتحقيق أهدافه الاستراتيجية طويلة الأجل.

وبالعملية العسكرية في عفرين، تسعى تركيا إلى تقويض الحلم الكردي بتنفيذ حكمٍ اتحادي في شمالي سوريا، ويسمح طرد الميليشيات الكردية خارج عفرين أيضاً للمقاتلين السوريين الذين تدعمهم تركيا ويدعمون عمليتها بدورهم بربط إدلب بحلب.

وكانت تركيا قد نشرت قواتها، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في إدلب، لمراقبة اتفاق خفض التصعيد مع روسيا وإيران.

وبحسب الشبكة يعكس هذا التوقيت إحباط تركيا المتزايد من الدعم الأميركي للقوات الكردية في سوريا، التي تسيطر الآن على نحو 25% من البلاد في المناطق الممتدة على الحدود التركية والعراقية.

وكتب إلنور سيفيك، المستشار الرئاسي لأردوغان، في صحيفة صباح اليومية التركية: "لا تزال تركيا صديقةً مخلصة وموثوقاً بها وحليفة للولايات المتحدة والغرب، لكنَّ هذا لا يعني أنَّنا سوف نقبل أن نُعامل كحيوانات تضحية، فقط لأنَّ جنرالين أميركيين يريدان خوض مغامرة في الشرق الأوسط".

وعلى الرغم من تأكيدات وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لتركيا، وقوله إنَّ القوة أُسيء تفسير أهدافها، لا يبدو أنَّ هناك تغييراً كبيراً في سياسة الولايات المتحدة بسوريا.

وقالت إليزابيث تيومان، الباحثة في شؤون تركيا في معهد دراسات الحرب: "لقد زاد الوضع سوءاً. سيعتبر أردوغان إعلان تيلرسون بتمديد فترة الوجود الأميركي في سوريا توطيداً لشراكتنا مع الميليشيات الكردية، الأمر الذي سيثير حفيظة الأتراك".

ووفقاً لمسؤوَلْين طالبا بعدم الكشف عن هويتيهما، فقد حثت إدارة ترامب تركيا على عدم مهاجمة عفرين، وطلبت من المسؤولين الأتراك تجنب الإجراءات الانفرادية، إلا أن تركيا اعتبرت أن أمنها القومي خط أحمر، ولا يمكن استئذان أحد فيه.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!