ترك برس

في اليوم الأخير من المعركة بين الجيش التركي والجيش اليوناني في قبرص، وقبل 44 عامًا بالتحديد، تمّ طلبُ الجندي اليوناني يانيس لخوض المعركة الأخيرة، لم يعرف حينها أن ذلك اليوم قد يكون يومه الأخير حينما أطلق عليه الجندي التركي فاتح رصاصةً دخلت في رأسه.

ظنّ فاتح أنه قد قتل الجندي اليوناني، فقد كان أمرًا شبه مستحيلٍ أن يقوم يانيس حيًّا بعد تلك الرصاصة، ولكن شاءت الأقدار ونجا يانيس ليعيش بعدها حتى يومنا هذا.

بعد عقودٍ على قصته المؤلمة مع الحرب، قام يانيس بكتابة كتابٍ يروي فيه قصة نجاته من الموت بتلك الرصاصة، ووقع الكتابُ بين يدي فاتح.

فاتح الذي لم ينسَ حتى اليوم تلك الرصاصة التي قام بإطلاقها مستجيبًا لما تفرضه عليه الحرب، عرف أن الكاتب يانيس هو نفسه الجندي اليوناني الذي أصابه في رأسه، لم ينتظر لحظةً واحدةً بل قرّر على الفور الذهاب إليه والاعتذار عن فعلٍ أجبرته عليه الحرب وكاد أن يودي بحياة يانيس.

يانيس الذي كان يقاتل في نفس تلك المعركة فاهمًا قسوة الحرب التي قد ترغمه في أي لحظة على قتل إنسان، بل وربما قتل فاتح قبل أن يقوم الأخيرُ بإصابته، تفهّم موقف الجندي التركي وتقبّل اعتذاره برحابة صدر، بل وأصبحا صديقين لا يمكننا أن نرى بينهما أي نوعٍ من التحامل أو البغضاء.

قبل 44 عامًا، قاتل الاثنان في الحرب وكادا أن يقتلا الكثيرين بسبب أوامرَ فرضتها عليهما الدول والظروف السياسية، أما اليوم، فيقاتل الاثنان بروحهما وعقليهما إلى جانب بعضمها البعض، من أجل تحقيق السلام، ولا شيء إلا السلام.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!