د. أحمد موفق زيدان - خاص ترك برس

بينما كانت عملية غصن الزيتون المشتركة بين الجيشين التركي و السوري الحر تنطلق كان الرئيس الإيراني حسن روحاني يستقبل رئيس حكومة اقليم كردستان العراقية نيجيرفان بارزاني، وهو استقبال له دلالاته الخطيرة على الساحة الكردية تحديداً، فالتوتر الذي حصل بين إقليم كردستان العراق على خلفية الاستفتاء هو بالأصل توتر مع إيران كونها أكثر المتضررين مباشرة من انفصال كهذا لو تم، لخسارتها قسماً كبيراً من الأراضي العراقية، ضارباً مشروعها الاستغلالي الإحلالي في العراق، فضلاً عن إطلاق صراع كردي ـ شيعي سيكون أكثر المستفيدين منه العرب السنة المضطهدين من العراق إلى الشام واليمن ولبنان....

مثل هذا الاستقبال كان الأولى به تركيا المقربة من الاقليم الكردستاني العراقي وبصفتها البوابة الرئيسية للإقليم ونفطه وثرواته على العالم الخارجي، ولكن للأسف لا تزال عسكرة الخلافة العثمانية تلقي بظلالها على السياسة التركية الحالية، وهي السياسة التي تُدار بعقلية عسكرية أقرب ما تكون إلى الأبيض والأسود، لا بعقلية قوس قزح يضم عدة ألوان، تستطيع من خلاله أن تتنقل من فاتح الألوان إلى الأشد غمقاً، وما بينهما...

الآن ونحن على أبواب عملية عسكرية على عصابات كردية لا علاقة لها بأجندة كردية شعبية أو بأجندة الثورة الشامية، يتحتم علينا حشد وتعبئة كل ما هو ممكن من أجل هذه المعركة الخطيرة، إذ إنه في حال فشلها لا سمح الله، فالخطر كبير إن كان على الثورة الشامية أو على تركيا ومستقبلها، لاسيما وأن القوى المنطقوية والدولية ظاهرها مختلف فيما بينها، وباطنها متفق على الإيقاع بتركيا وبالمكتسبات التي حققتها، وهنا لا يكفي أبداً الاقتصار على تصريحات الرئيس التركي التي تفضح السياسة الأمريكية و غيرها فيما يتعلق بالشام و تركيا، إذ لا بد من تحرك ثقافي اجتماعي اقتصادي شعبي لدعم هذه التعبئة بحيث تكون التعبئة تعبئة حضارية، والمعركة كذلك تستهدف عصابات كردية اختطفتها قيادة كردية نصيرية تأتمر بأوامر دمشق وطهران، و تسعى لنسف مكتسبات الثورة الشامية، والإضرار بالأمن القومي التركي، ولو كان على حساب حمل البندقية على عدة أكتاف في الوقت نفسه، كتف لصالح الأمريكيين في الشرق السوري، وكتف لصالح روسيا في عفرين قبل أن ينسحب المستشارون الروس منها، وكتف آخر لصالح العصابة الطائفية في دمشق من خلال دعوتها اليوم إلى عفرين أو التنسيق معها في الحسكة والقامشلي....

لا بديل اليوم عن تحرك مجتمعي حقيقي، فمراكز الدراسات التركية مدعوة إلى عقد الندوات إن كان على مستوى الخبراء أو الإعلاميين والمثقفين لإظهار أهمية المعركة ومسّها بمصالح الشعب وحاضره ومستقبله، والإعلام بكل أقسامه مدعو إلى تجييش وتعبئة الجماهير بضرورة المعركة وفضح أدواتها الحقيقية، والأمر نفسه ينطبق على المساجد والعلماء والمشايخ، و النخب والشعب والفن، والحكومة والبرلمان والقضاء..

لا يمكن ترك الجيش والقوات المسلحة أن تنفذ عملياتها في عفرين وإسلامها لساحة المعركة وكأنها تقوم بعمليات فدائية انتحارية، بعيداً عن مسؤوليات المجتمع بكافة شرائحه، الذي ينبغي أن يساندها ويدعمها بكل ما أوتي من قوة، المعركة معركة الجميع والكل متربص بتركيا والشام ومستقبليهما، فهو مستقبل الأمة كلها، لا يمكن القبول بالمعادلة العملية على الأرض التي تصرخ بوجه القوات المسلحة في عملية غصن الزيتون" إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون."

عن الكاتب

د. أحمد موفق زيدان

كاتب وصحفي سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس