ترك برس

علق مركز جيوبوليتيكال فيوتشر المتخصص في خدمات التنبؤ السياسي على عملية غصن الزيتون التي أطلقتها تركيا يوم السبت الماضي لتطهير مدينة عفرين شمالي سوريا من الميليشيات الكردية بأن تركيا دخلت معركة عفرين من موقع ضعف لكنها سوف تشكل مستقبل سوريا من موقع قوة، لافتا إلى أن هذه العملية أحبطت خطة الأسد وحلفائه من تأمين مدينة حلب في المستقبل.

ونشر المركز مقالا للكاتب جاكوب شابيرو، رأى فيه أن تركيا تخلت عن عنصر المفاجأة في عملية عفرين رغم أنه عنصر حاسم  لتحقيق النصر، لأنها لا تحتاج إليه، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد مقاتلي الميليشيات الكردية لا يتجاوز 10.000 مقاتل يفتقرون المدرعات والدبابات والحماية الجوية. وكان أخطر عائق أمام العملية التركية وجود عدد صغير من الجنود الروس، ولكن بمجرد انسحاب روسيا من هؤلاء الجنود، تم ضمان دخول عفرين.

وأضاف شابيرو أن السبب الثاني الأهم لعدم تنفيذ تركيا تهديداتها بغزو عفرين لسنوات هو أنها كانت تخشى السقوط في المستنقع التركي، فبعد الإخفاق في إسقاط الأسد تعاونت تركيا مع روسيا وإيران في الأستانة، وكان هدف تركيا من الاتفاق على وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه في أستانا منع نظام الأسد من استعادة البلاد.

ولفت إلى أن خطة تركيا كانت تسير على ما يرام حتى كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عندما شن نظام الأسد المدعوم من روسيا وإيران هجوما كبيرا على المعارضة المسلحة في منطقة وقف التصعيد في إدلب. وكان على تركيا أن تظهر للأسد وداعميه الأجانب أن هناك عواقب وخيمة إذا لم تتوقف قواته.

وقال شابيرو إن تدخل تركيا في عفرين أحبط خطة الأسد وحلفائه من تأمين مدينة حلب في المستقبل من أي هجوم تشنه المعارضة انطلاقا من إدلب، حيث إن الاستيلاء على عفرين يعني أن تربط تركيا أكبر معاقل الثوار المتبقية، وأن تسهل على الجماعات المعارضة للأسد نقل الإمدادات والعتاد إذا ما واجهت هجمات إضافية.

وتابع بالقول إن ما يزيد من عظم الأمر من وجهة نظر نظام الأسد، أن انتزاع عفرين يضع القوات العسكرية التركية في موقع متميز لدعم أي هجوم جديد تشنه المعارضة على حلب، الأمر الذي يجبر الأسد  على إعادة النظر في الهجوم على إدلب وسحب تلك القوات مرة أخرى لضمان أنه يستطيع الدفاع عن هجمات الثوار الجديدة.

روسيا غير راضية عن عملية عفرين

وأشار شابيرو إلى أن روسيا رغم سحب جنودها المتمركزين في عفرين استجابة لطلب تركيا، وسماحها للمقاتلات الجوية التركية باستخدام المجال الجوي السوري لدعم هجومها ، فإن روسيا غير راضية عن هذه العملية، وكانت تفضل أن لا تقوم بها تركيا؛ لأنها تضعف نظام الأسد، كما أنها تجعل المبادرات الروسية للأكراد السوريين تبدو بلا معنى.

ولكن روسيا اضطرت للموافقة على عملية عفرين، كما يقول شابيرو، لأن بوتين يحتاج إلى تركيا لكي يثبت للداخل الروسي انتصاره في سوريا، ولذلك غض الطرف عن العملية التركية.

ووفقا للكاتب، فإن موافقة روسيا ترجع إلى عامل ثانوي يجب أن يؤخذ في الحسبان، وهو أن روسيا تنظر إلى تركيا على أنها عدو على المدى الطويل (وهي نفس الرؤية التركية لروسيا)  وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل روسيا مهتمة بالحفاظ على نظام الأسد. فمن خلال الحفاظ على نظام الأسد،تبقي روسيا على عدو لتركيا. وتفضل  روسيا ألا تنشر تركيا  واتها العسكرية في أي مكان، ولكن إذا كانت تستعرض عضلاتها فليكن في سوريا، وليس في أي مكان آخر.

إيران لا تمتلك أوراقا لمنع تركيا

وفيما يتعلق بالموقف الإيراني من العملية التركية، قال شابيرو إن إيران تعارض تحرك تركيا في عفرين بسبب التهديد الخطير الطويل الأمد الذي يمكن أن تمثله تركيا على نظام الأسد، حيث إن تركيا إن استطاعت هي وحلفاؤها تهديد حلب، فإنها يمكن أن تهدد الجيوب الساحلية العلوية، وربما حتى قطع  الطريق على الطموح الإيراني للوصول إلى البحر المتوسط.

وأضاف أن إيران ربما حاولت أن تلغي تركيا العملية،فعندما سافر نائب وزير الخارجية الإيراني إلى موسكو في وقت سابق من نفس اليوم الذي أعلنت فيه تركيا عملية غصن الزيتون، يبدو أنه قدم طلبا  لروسيا لمحاولة إقناع تركيا بعدم المضي قدما في العملية.

وأوضح أن المشكلة بالنسبة إلى إيران هي أنه ليس لها أي تأثير على تركيا عندما يتعلق الأمر بعفرين، حيث لا  يوجد جنود إيرانيون يتمركزون في عفرين. وعلاوة على ذلك  فإن القوة الجوية الإيرانية في سوريا محدودة ، ولا يزال برنامجها المحلي لتطوير القذائف غير متطور نسبيا. وعلى ذلك لم تخش تركيا أي انتقام إيراني محتمل من تحركاتها.

وبعد أن يستعرض الكاتب موقف الولايات المتحدة من الميليشيات الكردية الذي أدخلها في عداء مع تركيا، خلص إلى أن تركيا دخلت عفرين؛ لأنها لم تكن قوية بما فيه الكفاية لكي تجعل القوى الخارجية تحترم مصالحها، لكنها في وضع أفضل على المدى الطويل من إيران أو روسيا أو الولايات المتحدة لتعزيز نفوذها في سوريا.

وقال في ختام مقاله إن تركيا هي البلد الوحيد من البلدان الأربعة ذات الأغلبية السنية، وهي الوحيدة التي لها تاريخ من الحكم المباشر في هذه المنطقة، ومن ثم فإن عملية ​​غصن الزيتون هي مجرد إنذار ووعيد جزئي لمن يقفون في طريق تركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!