عبد الله لبابيدي - خاص ترك برس

غص الزيتون اختيار موفق لمعركة عنيفة، وقد تكون طويلة في ظل صراع دولي على النفوذ في المنطقة، ولكن دلالة الاسم توحي بالسلام الذي سيعم المنطقة بعد انتهاء المعركة، سنوات والشعب الكردي الشريف ينتظر طرد دواعش (ب ي د / ي ب ج / ب ك ك..) من مناطقهم، وهنا لا أنكر وجود هذا الفكر قبل سنوات خدّاعات من عمر الثورة المباركة، فلقد عملت في عفرين خمسًا من السنين داعيًا إلى الله هناك، وقد رأيت العجب العجاب من الإلحاد والتنصير، ففي إحدى القرى رأيت رجلًا حزينًا على فراق ابنه الذي توجه إلى جبال قنديل حيث يتجهز لقتال الأتراك، ورأيت الكنائس تبنى في قرية براد محاولًا النظام تنصير أهلها بمساع دولية، وبالفعل تم شراء عشرات الأراضي على أطراف قرية براد وجبل الأحلام وما حولهما لإقامة الفنادق والمنتجعات للنصارى الذين يدون الحج لقبر مار مارون المزعومِ قبرُه في قرية براد.

إذًا إلحادٌ وتنصيرٌ وجهلٌ وأميةٌ تعم عفرين وقراها التي تشتهر بزراعة الزينون والجبال الخضراء والمياه والأنهار والبحيرات والشلالات، بالإضافة إلى الآثار العجيبة آثارِ أممٍ مضت، أممٌ سادت ثم بادت، وتاريخ كبير ما بقي منه إلا العبرة بمن مضى.

وهذا كله قبل عشر من السنين كنت أراه بعيني وألامس واقعه المؤلم محاولًا قدر المستطاع تغيير هذا الواقع.

ولكن ماذا لو بسطت تركيا سيطرتها على منطقة عفرين؟

لدينا نموذج منطقة شمال حلب (درع الفرات) حيث استطاعت تركيا خلال أكثر من سنة من العمل المتواصل ترميم عشرات المساجد والمدارس والمستشفيات، ووصل عدد طلاب المدارس إلى 99 ألفًا و961 طالبًا وطالبةً، بالإضافة إلى قطع الاتصال بين مناطق الحكم الذاتي وهو الهدف الرئيس من المعركة.

إذًا السلام عمّ منطقة شمال حلب (درع الفرات) فماذا سيحصل في منطقة عفرين؟

نعود إلى غصن الزيتون، فأولى الأولويات فيها أن يعود المهجرون العرب إلى قراهم في تل رفعت ومنغ ودير جمال وما حولهم، مع طرد الإنفصاليين الدواعش (ب ي د / ي ب ج / ب ك ك..) من المنطقة برمتها، ليعود الكرد والعرب أحبة، ويعود السلام كما كان سابقًا، ويزول تهديد الأمن الاستراتيجي لتركيا من هذه المنطقة الحساسة، وقد منحت تركيا وقتًا كافيًا للجهود الدولية وتبليغ الدول المعنية بالملف السوري بضرورة هذه المعركة، فمن حق تركيا الدفاع عن نفسها وسط تخاذل عربي ودولي عن نصرة هذا الشعب المكلوم، وهي التي تحاول التمسك بوحدة التراب السوري وحقن الدماء السورية، وفي ذلك كله مصلحة للسوريين أولًا وأخيرًا.

إنّ معركة غصن الزيتون ستسجل من ضمن المعارك التي ساهمت في وضع بصمات كبرى من تاريخ وعمر الحراك السوري، فمع اقتراب انتهاء سبع سنوات على ذكرى الثورة السورية نادى الشعب السوري من البداية بضرورة التدخل التركي لحمايته من إجرام العصابة الأسدية، ولكن تأخر ذلك لأسباب يطول شرحها في هذا المقام، حتى جاءت مشيئة الله تعالى لتخليص الشعب الكردي الطيب العريق الجذور من عصابة داعش (ب ي د / ي ب ج / ب ك ك..) صاحب الأيديولوجية الماركسية الإرهابية.

ستتخلص سورية يوماً ما من جميع التنظيمات الإرهابية السوداء والصفراء وسيتعانق الزيت الكردي مع الزعتر الحلبي ليعيشوا كما كانوا بوئام ومحبة وسلام.

جاءت تركيا لا لتحتل أرضنا فنحن لا نؤمن بسايكس بيكو ولا بحدوده المصطنعة، جاءت لتخلص الشعب الكردي من إجرام دواعش الإلحاد بعد أن تجاوزوا كل الحدود.

 لذلك المطلوب من تركيا فيما بعد النصر في غصن الزيتون بعونه تعالى هو الآتي:

1- أن يقوم السكان المحليون الكرد بإدارة مناطقهم بأنفسهم.

2- السماح بعودة النازحين الكرد إلى قراهم ومناطقهم.

3- تطمين أهالي عفرين بأن الكرد هم مكون أساسي للمجتمع السوري، ولهم كامل حقوقهم القانونية والدستورية.

4- الاهتمام بالأقليات الكردية من أبناء الطوائف المتواجدين في قرية معبطلي (نصيرية أكراد) وقرية قسطل جندو وما حولها (قرى إيزيدية) وعدد من العائلات النصرانية.

5- الاهتمام بالتعليم.

6- فتح المجال أمام الدعاة للدعوة المسجدية في القرى والبلدات الكردية.

7- تعيين أئمة مساجد أكراد وجعل الخطبة كما يرغب أهل المنطقة باللغة الكردية على أن تكون بدايتها وخاتمتها باللغة العربية.

8- الاهتمام بالصحة والتنمية المستدامة.

وفي النهاية ينبغي الاهتمام بكل منطقة (غرب الفرات) فهي المنطقة الملائمة لإقامة المنطقة الآمنة التي ترغب تركيا منذ بداية الأحداث بإقامتها بداية من منبج وما حولها من قرى عربية، ووصولًا إلى جبال التركمان حتى البحر الأبيض المتوسط لطرد كل التنظيمات الإرهابية التي تعيث في الأرض فسادًا، ولنزرع سوية عربًا وتركًا وكردًا غصن الزيتون الذي يمثل غصن السلام في المنطقة.

عن الكاتب

عبد الله لبابيدي

باحث في الإعلام الإسلامي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس