ترك برس

تستمر عملية "غصن الزيتون" التي أطلقتها تركيا منذ أسبوع لتطهير مدينة عفرين السورية ممن وصفتهم بإرهابيي "ب ي د/ي ب ك" الذراع السوري لتنظيم "بي كي كي" المصنف إرهابياً. ويتزامن سير العملية مع تباين المواقف الدولية والإقليمية إزاء العملية العسكرية التركية، بين مؤيد ومعارض ومحايد، إضافة إلى التطورات المتسارعة على الصعيدين العسكري-الميداني والسياسي.

ويرى خبراء أن عملية غصن الزيتون، تبدو من أصعب العمليات التي تخوضها تركيا على حدودها الجنوبية، وذلك لكونها تستمر وسط مخاوف تركيا على أمنها القومي وتقاطع المصالح الاستراتيجية للعديد من الأطراف وحساباتها المعقدة في سوريا.

وفي هذا الإطار ناقشت حلقة أمس الخميس من برنامج "سيناريوهات" على قناة الجزيرة القطرية، مسارات هذه العملية في ظل التطورات المتسارعة، وطرحت ثلاثة سيناريوهات محتملة لها. أول هذه السيناريوهات أن تكون عملية محدودة ذات سقف زمني واضح تهدف إلى محاصرة محيط عفرين وإنشاء منطقة آمنة على الحدود التركية. وثانيها أن تكون عملية موسعة قد تستغرق وقتا أطول وتؤدي إلى تورط القوات التركية واستنزافها في معركة طويلة الأمد. أما السيناريو الأخير فأن تكون مقدمة لإعادة ترتيب الأوضاع في سوريا عبر تفاهمات بين الأقطاب المتصارعة على النفوذ.

وقال ضيف البرنامج من إسطنبول الكاتب والمحلل السياسي التركي رسول طوسون إن القيادة العسكرية التركية خططت لهذه العملية منذ شهور، وهي لم تأت بشكل متسرع، وإنما بتوافق مع الأطراف الأخرى لا سيما الطرف الروسي، موضحاً أن زمن العملية ومكانها مخطط لهما، وبينما قد يطول الزمن بتطور الأحداث فإن المكان لن يتغير، فالهدف الأول هو تطهير عفرين من التنظيمات الإرهابية.

وأضاف المحلل التركي أن هذه العملية تنحصر بمنطقة عفرين، "لكن كما قال الرئيس أردوغان عدة مرات أن الهدف الثاني هو تطهير منطقة منبج من الإرهابيين"، فالهدف إذن ليس الأكراد وإنما مكافحة الإرهاب، لا سيما أنه في السنة الماضية فقط وقع أكثر من 7000 هجوم على تركيا من عفرين فقط، على حد قوله.

وأكد طوسون على أن العملية صغيرة من ناحية الحجم، والبطء فيها حتى الآن سببه الحفاظ على سلامة المدنيين، والقرار ليس قرار أردوغان بل قرار الدولة التركية التي أحبطت بهذه العملية مخططات غربية لتأسيس دولة على جنوب تركيا هدفها تمزيق هذه المنطقة بعد مئة عام من اتفاقية سايكس بيكو.

بدوره أعرب رئيس المجلس الروسي للعلاقات الدولية الدكتور أندريه كورتونوف عن أمل بلاده في أن تكون العملية في عفرين محددة، وأن يكون الثمن في الدم والممتلكات محدودا، معرباً عن اعتقاده بأن العملية العسكرية ربما تستغرق وقتا أطول، وفي هذه الحالة سيكون الثمن باهظا أكثر على تركيا، خاصة أن التنظيمات الإرهابية في عفرين مدربون بشكل جيد وكانوا يتوقعون هذا الموقف من تركيا.

وأكد كورتونوف أن بلاده ستحاول ألا يكون هناك تداخل بين تركيا وقوات النظام السوري، وهي وإيران تفهمان أهمية إبقاء تركيا على الطاولة كجزء من الترتيب الجاري، ولذلك فقد اتخذتا موقفا وديا بشأن هذا التحرك، لافتاً إلى أن عملية عفرين قد تعقد العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة مما يعني تعزيز التحالف السياسي بين تركيا وروسيا وإيران.

من جهته اعتبر سربست نبي أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة كويا في أربيل، أن المعركة لا تنفصل عن السياقات السياسية، وهي عبارة عن مقايضة بين طرفين رئيسيين يحاول كل منهما انتزاع أكبر قد من الامتيازات لنفسه، مؤكداً أن عامل الزمن هو الأكثر حسما في المعركة، فتركيا بحاجة إلى نصر سريع يحقق لها بعض المكاسب الداخلية والخارجية، لا سيما أنها مقبلة على انتخابات عام 2019.

ويرى نبي أن روسيا ورطت تركيا بزجها في المعركة، وأصبح تغليب العداء للكرد على العداء للنظام هو البارز، كما أنها زجت بالسوريين النازحين داخل بلادهم في المعركة التي ينأى أردوغان عن الزج بجيشه فيها مباشرة، بل يدفع بالدم السوري في أتونها، بحسب قوله.

هذا وتتواصل عملية "غصن الزيتون" التي أطلقها الجيش التركي، السبت الماضي، بهدف إرساء الأمن والاستقرار على حدود تركيا وفي المنطقة والقضاء على إرهابيي "بي كي كي/ب ي د-ي ب ك" و"داعش" في عفرين، وإنقاذ سكان المنطقة من قمع الإرهابيين، وفقاً لما ورد في بيان رئاسة الأركان التركية.

وفي وقت سابق أعلنت القوات المسلحة التركية سيطرتها على عدة مواقع عسكرية واستراتيجية كانت خاضعة لسيطرة عناصر تنظيم "ي ب ك" الإرهابي، وذلك بالتنسيق مع عناصر الجيش السوري الحر. حيث تمكنت القوات المشاركة في الأيام الأولى من العملية المذكورة، من السيطرة على تلال استراتيجية ومواقع أخرى في مدينة عفرين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!