ميهميت أوجاكتان – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

تواصل عملية "غصن الزيتون" التي بدأتها القوات المسلحة التركية في منطقة عفرين السورية استمرارها بكل نجاح، في حين حسمت القوات التركية الأمر بعملية برية عقب انتهائها من قصف المناطق التابعة للإرهابيين، ويشير ذلك إلى أن أنقرة أنهت استعداداتها على الصعيد الدبلوماسي مسبقاً، والأهم من ذلك هو أن التركيز على مسألة ضمان وحدة الأراضي السورية واقتصار مجال العملية على مكافحة المنظمات الإرهابية قد زاد من ثبات الحكومة التركية في إطار السياسة الدولية.

خلال الفترات الماضية تم توجيه انتقادات عديدة للحكومة التركية لأنها لم تتمكن من تسيير الأمور الدبلوماسية بشكل سليم، لكن اليوم أبدعت تركيا في النواحي الدبلوماسية ووضّحت للعالم بأكمله تفاصيل عملية غصن الزيتون المنفذة ضد الإرهاب الذي يستهدف تركيا في كل فرصة.

يمثل الدعم الإيجابي الذي أظهرته الجامعة الدولية تجاه الحكومة التركية مكسباً قيماً بالنسبة إلى أنقرة، ومن الممكن رؤية أن الدول الأوروبية وعلى رأسها أمريكا تأخذ "حساسية تركيا تجاه أمنها القومي" بعين الاعتبار وذلك من خلال التقييمات الإيجابية التي أظهرتها دول أوروبا حيال الخطوات التي اتخذتها تركيا في الآونة الأخيرة.

هذه التطورات تشير إلى أن قوة تركيا غير قابلة للتجاهل وبالتالي أن تركيا هي دولة قوية، لكن لا يمكن إثبات ذلك من خلال الكلام فقط، لا بد من تحقيق نجاح ملموس عن طريق الاستخدام الصحيح للأسلوب الدبلوماسي، وعملية غصن الزيتون خير مثال على ذلك وإثبات لقوة الدولة التركية على أرض الواقع.

أي إن العالم بأسره يترقّب الفرصة من أجل القضاء على تركيا، إذ تعاني الأخيرة من بعض المشاكل السياسية مع أمريكا والدول الأوروبية الأخرى، كما نلاحظ في بعض الأحيان زيادة التوتر بين الدول في إطار العلاقات الثنائية، لكن يجب أن لا ننسى أنه لا توجد أي دولة في العالم يمكنها تجاهل مسألة الأمن الدولي والإرهاب، وخاصةً عندما تكون المسألة متعلقة بعملية عسكرية تقودها تركيا في الأراضي السورية ضد الإرهاب الذي يهدد أمنها القومي، حينها لا يمكن لأي جهة تجاهل هذا الواقع كون تركيا إحدى أقوى الدول التابعة لحلف الشمال الأطلسي.

أصبح العالم بأكمله يدرك جيداً أن تركيا لا تحاول تقسيم سوريا من خلال عملية غصن الزيتون، بل على العكس تماماً تسعى إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية من جهة وتوسيع المناطق الآمنة المجاورة لحدودها من جهة أخرى، وبطبيعة الحال تهدف أيضاً إلى إبعاد تنظيم بي كي كي الإرهابي عن الشرق الأوسط.

العملية العسكرية لم تنته بعد، لذلك من أجل الحفاظ على هذا النجاح يتوجّب على تركيا توطيد علاقاتها الدبلوماسية أكثر من السابق، إضافةً إلى قراءة جيدة للمخططات التي تطرحها روسيا وأمريكا حول المنطقة، إذ نلاحظ أن الأخيرتين لم تتخلّ عن استخدام ورقة وحدات الحماية الشعبية إلى الآن، قد يعود سحب روسيا لقواتها من عفرين بالفائدة إلى القوات المسلحة التركية في المنطقة، لكن ذلك لا يغير حقيقة أن أولوية روسيا هي بقاء الأسد على رأس النظام السوري، وعداء الأسد للحكومة التركية معروف لدى الجميع.

إن النقطة الأخيرة التي تهدف تركيا الوصول إليها من خلال عملية غصن الزيتون هي منبج، لأن منبج تمثل مركز قوة وحدات الحماية الشعبية وتشكل تهديداً كبيراً بالنسبة إلى تركيا، بينما تنوي روسيا تسليم منبج للنظام السوري، في حين يزداد اهتمام أمريكا تجاه منبج كونها تدعم وحدات الحماية الشعبية بالأسلحة الثقيلة، أي إن تركيا على وشك الدخول في فترة أكثر تعقيداً من سابقاتها.

أصبحت أهمية الدبلوماسية واضحة للعيان، وفي هذا السياق يجب على تركيا مواصلة عمليتها العسكرية في ظل الدبلوماسية والقوانين الدولية، حتى إنه يمكن لتركيا أن تستغل دعم الجامعة الدولية لعملية غصن الزيتون وتحويل هذا الوضع إلى فرصة لإعادة تحسين علاقاتها مع الدول الأخرى.

عن الكاتب

محمد أوجاكتان

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس