إبراهيم كالن - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس 

أطلقت تركيا عملية "غضن الزيتون" في 20 يناير/ كانون الثاني لتطهير منطقة عفرين السورية من تنظيم وحدات حماية الشعب (واي بي جي) التابعة لحزب العمال الكردستاني الإرهابي ( بي كا كا ). وإذا كان بعض الحلفاء الغربيين ينظرون إلى هذه العملية على أنها تشتت الانتباه عن الحرب على داعش، فإن العملية تتفق تماما مع هدف القضاء على جميع التهديدات الإرهابية في سوريا، وخطوة في الاتجاه الصحيح لحماية وحدة أراضي سوريا.

إن عملية "فرع الزيتون" مشروعة تماما في إطار الدفاع عن النفس كما تنص على ذلك المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، حيث تعرضت مدينتا هاتاي وكيليس التركيتين لأكثر من 700 هجوم من عفرين على مدى السنوات القليلة الماضية. وعلاوة على ذلك، يستخدم حزب العمال الكردستاني المنطقة للتجنيد والتدريب. وقد أوجد حزب الاتحاد الديمقراطي وميليشيات وحدات حماية الشعب التابعة له حالة من الأمر الواقع من خلال السيطرة على عفرين والمناطق المحيطة بها باسم قتال داعش، والحق أنها استخدمت تهديد داعش ذريعة لتوسيع سيطرتها غير المشروعة والقسرية على الأراضي السورية لإقامة نوع من منطقة الحكم الذاتي، ووضع هيكل دولة مستقلة في نهاية الأمر. ولا يمكن لتركيا أن تسمح بذلك.

ما من بلد يشكك في شرعية عملية غصن الزيتون، وإن كانت بعض الدول أعربت عن قلقها إزاء حجم العملية ومدتها وطلبت من تركيا تجنب وقوع خسائر فى صفوف المدنيين. وليس هناك أي أساس يدعو إلى هذا القلق، إذ إن سجل تركيا في عملية درع الفرات بالغ الوضوح ، حيث طهرت القوات التركية المناطق الواقعة بين جرابلس والباب من إرهابيي داعش، وتجنبت وقوع إصابات بين المدنيين وأعادت المنطقة إلى أصحابها الشرعيين، أي إلى الجماعات المحلية السورية. ليس لدى تركيا مصلحة في احتلال سوريا، ولم تفعل شيئا يشير إلى ذلك.

إن من أخفقوا في رؤية تهديد وحدات حماية الشعب في سوريا يرتكبون خطأ تاريخيا، فحزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية مثله مثل تنظيم القاعدة وداعش وبوكو حرام،كما أن فرعيه  (بي واي دي ، واي بي جي) لا يختلفان عنه. إن المعركة ضد  ميليشيا  واي بي جي في سوريا والعراق ليست انحرافا عن معركة داعش، بل على العكس فهي تخدم هدف القضاء على جميع أشكال الإرهاب في المنطقة.

كانت تركيا منفتحة وواضحة حول تهديد حزب العمال الكردستاني في العراق ووحدات حماية الشعب في سوريا، وقد أثارت هذه المسألة مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والدول المجاورة. وقد عجز هؤلاء الحلفاء عن رؤية أن إلحاح القضية لا يمنع تركيا من اتخاذ إجراءات لحماية مواطنيها وحدودها. على أن هذه ليست مجرد قضية تتعلق بتركيا فحسب، إذ إن لقضاء على الشبكات الإرهابية في العراق وسوريا ضروري أيضا لشعوب تلك البلدان ولحماية سلامتها الإقليمية ووحدتها السياسية.

وخلافا للدعاية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني، فإن عملية غصن الزيتون ليست موجهة ضد الأكراد في سوريا، ولكنها موجهة ضد منظمة إرهابية. إن حزب العمال الكردستاني لا يمثل الأكراد ولا يستطيع التحدث باسمهم، وهناك الملايين من الأكراد الذين يرفضون أيديولوجية هذا الحزب الماركسية -اللينينية القديمة وتكتيكاته الإرهابية. وعلاوة على ذلك، قمعت ميليشيات البي واي دي، والواي بي جي  الشعب السوري، بمن فيه من الأكراد والعرب والتركمان باسم قتال داعش.كما أن هدفها الأساسي ليس محاربة داعش بل إنشاء هيكل دولة بالقوة والاضطهاد. وينبغي للعالم أن يعي هذه الحقيقة البسيطة.

أعلنت الإدارة الأمريكية أنها لن تدعم ميليشيا  الواي بي جي والبي واي دي بمجرد انتهاء تهديد داعش، وهذا ما قاله الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للرئيس رجب طيب أردوغان في اتصالين هاتفيين في 24 نوفمبر و 24 يناير. ومع ذلك يستمر الدعم العسكري الأمريكي لهذه الميليشيات، وهو ما يثير تساؤلات خطيرة حول الهدف النهائي لهذه السياسة. إن تمكين قوة إرهابية في سوريا يشكل تهديدا لحلف الناتو ويهدد سلامة أراضي سوريا والانسجام العرقي والاجتماعي فيها.

تعد  أنقرة داعش منظمة إرهابية وحاربته في إطار الائتلاف الدولي وبمفردها، ولكنها تتوقع أيضا من حلفائها التعامل مع حزب العمال الكردستاني وفروعه بنفس الطريقة. وبهذا الفهم فقط سيتم التغلب على التوترات الحالية بين تركيا والولايات المتحدة حليفي الناتو.

ومثلما تدعم تركيا حلفاءها في حربهم على الإرهاب، ينبغي لهم أن يدعموا تركيا في حربها على الإرهاب ، سواء أكان إرهاب داعش أو حزب العمال الكردستاني أو جماعة فتح الله غولن الإرهابية  (فيتو). وهذا ما يتطلبه التحالف الحقيقي والصداقة.

عن الكاتب

إبراهيم كالن

الناطق الرسمي باسم الرئاسة التركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس