مولود جاويش أوغلو -  نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير ترك برس 

إذا كانت الولايات المتحدة ترتبط بالشرق الأوسط تبعا لمصالحها، فإن تركيا تتقاسم مع سوريا والعراق وحدهما حدودا بطول نحو  800 ميل. وفي هذه الجغرافية وما ورائها تتشاطر تركيا والولايات المتحدة هدف هزيمة المنظمات الإرهابية التي تهدد دولنا. وكان داعش (أو ما يسمى بالدولة الإسلامية) عدونا مشتركا، ولم يكن من الممكن تحقيق النصر على هذه الجماعة بدون مساهمات فاعلة من تركيا.

تستمر هذه المساهمات حتى وإن هزمت داعش عسكريا في كل من العراق وسوريا. وكان الجيش التركي عنصرا حاسما في تحرير مدينة جرابلس شمالي سوريا من داعش في عام 2016، واعتقلت تركيا أكثر من 10.000 عضو في تنظيمي داعش والقاعدة، ورحّلت قرابة 5.800 إرهابي،ومنعت دخول أكثر من 4000 مسافر مشبوه.

فقد تنظيم داعش السيطرة على الأراضي في سوريا والعراق، لكنه ما يزال يمتلك القدرة على إلحاق الأضرار؛ ولذلك نفذت السلطات التركية أخيرا عمليات ضد خلايا داعش وألحقت ضررا بجهوده لإعادة التنظيم.

وقد أخبرنا المسؤولون الأمريكيون بأن الولايات المتحدة تريد أن تبقى منخرطة في سوريا، وتحتاج إلى جنود على الأرض في سوريا لمنع بقايا تنظيم داعش من إعادة تنظيم صفوفهم. ولكن محاربة داعش لا يمكن ولا ينبغي أن تعني أننا لن نقاتل جماعات إرهابية أخرى في منطقتنا تهدد بلدنا وأمن مواطنينا.

لقد وصلنا إلى طريق مسدود مع الولايات المتحدة مع اختيارها الشريك المحلي في هذه الحرب، وهي مجموعة تصنفها الحكومة الأمريكية نفسها منظمة إرهابية. إن ما يسمى ب "وحدات حماية الشعب"، أو "ي.بي.ك."، هي ببساطة  منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابي المحظور، ولكن باسم آخر.

وقد تبنت هذه الجماعات أسماء مختلفة وطورت هياكل ملتوية، ولكن ذلك لا يغير من واقعها في شئ، إذ تقودها نفس الكوادر، وتتدرب في نفس المخيمات، وتشترك في الهياكل التنظيمية والعسكرية، وتستخدم نفس أدوات الدعاية والموارد المالية. ويتولى حزب العمال الكردستاني ( بي كا كا ) توجيه وحدات حماية الشعب، ويتلقى المفجرون الانتحاريون من حزب العمال الكردستاني تدريبات في معسكرات وحدات حماية الشعب في سوريا.

أنْ تسلحَ دولةَ في حلف الناتو منظمةً إرهابيةً تهاجم حليفا آخر في الحلف هو خرقٌ أساسي لكل قواعد الحلف، وهو شذوذ في السياسة العامة يحتاج إلى تصحيح.

لا يساورنا شك في أن الولايات المتحدة سترى الضرر الذي تلحقه هذه السياسة بمصداقية حلف الناتو، وستصحح سياستها تلك بوضع حلفائها ومصالحها الطويلة الأجل أولا من جديد، ذلك أن الاعتماد الأمريكي على وحدات حماية الشعب هو خطأ يضر بها نفسها، في حين تمتلك الولايات  المتحدة بالفعل شريكا قادرا في تركيا.

على أن تركيا لا يمكنها أن تنتظر تصويب هذه السياسة الذي لا مفر منه في نهاية المطاف. إن التشدق بفهم مخاوف تركيا الأمنية لا يزيل تلك التهديدات والأخطار.

في الأسابيع الأخيرة، وثقت السلطات التركية زيادة في التهديدات التي تشكلها وحدات حماية الشعب ومعسكرات داعش في سوريا. وكان الإرهابيون في منطقة عفرين في سوريا يهددون حياة أهل المنطقة والأتراك وممتلكاتهم على طول الحدود. ومن ثم كان علينا أن نعمل، فأطلقت تركيا عملية غصن الزيتون ضد الإرهابيين في عفرين.

ولهذه العملية هدف واضح، هو ضمان أمن حدودنا وتحييد الإرهابيين في عفرين. وهي تنفذ على أساس القانون الدولي، ووفقا لحقنا في الدفاع عن النفس، وتستهدف الإرهابيين وملاجئهم وأسلحتهم وبنيتهم التحتية. ويلتزم الجيش التركي بأقصى درجات الحيطة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين.

وقد كثفنا بالفعل جهودنا الإنسانية إلى حد كبير، فأقمنا مخيمات لمساعدة المدنيين الفارين من عفرين.ونحن نضيف بالفعل أكثر من ثلاثة ملايين سوري، وتقدم الوكالات الإنسانية التركية  المساعدات لمن يحتاجون إلى دعمنا.

ستواصل تركيا المهمة حتى يتم القضاء على الإرهابيين، ولن تقبل تركيا إنشاء جيوب انفصالية أو ملاذات آمنة للإرهاب تهدد أمنها القومي وتناقض إرادة الشعب السوري.

وقد نشطت تركيا بالفعل في كل عملية سياسية تسعى إلى حل المستنقع في سوريا. إن الحفاظ على وحدة الأراضي السورية هو مفتاح جهود السلام،  والقضاء على  الإرهابيين يعني فتح مساحة للسلام.

ونحن نسعى جاهدين من أجل مستقبل خال من الكيانات الإرهابية، ومن التفجيرات في الدول الجارة والحروب والكوارث الإنسانية في منطقتنا.تستحق تركيا احترام الولايات المتحدة ودعمها في هذه المعركة الجوهرية.

عن الكاتب

مولود تشاووش أوغلو

وزير الخارجية التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس