ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس

إيه تعمل الماشطة في الوش العكر ... مثل مصري له بعد فلسفي كبير تذكرته مع مطالعتي خبر في موقع الشرق الأوسط باللغة الانجليزية ، ولم يكن الموقع الانجليزي متفردا بالخبر فبالبحث وجدت أن الخبر ملء السمع والبصر في كل المواقع المصرية والرسمية منها أيضا .

ولتوضيح المثل لمن لا يعرف اللهجة المصرية فإن مرادف الماشطة هي امرأَة تحسن المشط وتتخذه حرفة وهي ما يطلق عليها الآن (كوافير) ، أما الوش فهو الوجه في اللهجة المصرية والمعنى المراد من المثل ماذا يمكن أن تغير الماشطة إذا كان وجه من تحسّنه بشع  . ويستخدم المثل عند محاولة الإنسان عمل كل شيء لتغيير نفسه أمام الناس ولكن صفاته الشخصية أو السلوكية سيئة لا يمكن قبولها .

خبر الشرق الأوسط وأصحابها من المواقع الرسمية التابعة للنظام تحدثت عن طلب وزير خارجية النظام المصري من منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني أثناء لقائهما في بروكسل مشاركة مراقبين أوروبيين في متابعة الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها نهاية مارس القادم .

والأعجب هو ذلك التصريح الصحفي الذي أدلى به شكري بعد اللقاء والذي قال فيه أنه لطالما كان الاتحاد الأوروبي ولسنوات كثيرة يلح ويعرب عن قلقه لعدم قبول مصر مراقبته للانتخابات، ولكن بعد ما سماها ثورة 30 يونيو 2013، والتطور الذي حدث، والإصلاح السياسي الذي يحدث في مصر، فإن نظامه يسعى إلى مشاركة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الرئاسية القادمة التي توقع أن تكون شفافة .

وهنا لن نسرد وقائع ظاهرة للمتابع من اعتقال المرشحين و احتجاز ذويهم وتهديد من يدعو لمقاطعة انتخابات بات يقيننا لكل المصريين أنها هزلية بعد إقحام مرشح مغمور معروف بتاريخه ، كان قبل أيام داعما لرأس النظام، وحتى بعد ترشحه بطريقة هو نفسه لم يعرفها بتزكية عشرين من نواب الشعب في البرلمان، كما ينص الدستور، لم يعرف أسمائهم حين سُئل عنهم .

ولكن سأحيل الرد على وزير خارجية النظام للكاتب الصهيوني الشهير بن لينفيلد ، الصحفي الحر الذي يكتب في العديد من الصحف الانجليزية والعبرية والذي تٌعتمد مقالاته في بريطانيا عن الشرق الأوسط لخبرته الكبيرة بها.
ففي مقال نشرته صحيفة جورزليم بوست العبرية جاء بعنوان (الانتخابات الرئاسية المصرية تبين أن السيسي أقل ديمقراطية من مبارك)
تحدث الكاتب عن الخطأ الفادح الذي ارتكبه السيسي باعتقال رئيس أركان الجيش المصري السابق والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الفريق سامي عنان بعد أن صرح في شريط مصور له أن مصر تتدهور نتيجة إستراتيجية النظام الخاطئة التي حملت الجيش أعباء كبيرة وعطلت القطاعات المدنية في الدولة. 
وهو ما كان كفيلا على حد وصف لينفيلد ليقضي على الرجل ، ومن ثم القضاء على العملية الانتخابية برمتها ، بعد أن انسحب باقي المرشحين لما رأوه من استحالة خوض انتخابات قمعية يديرها النظام ليظهر بمظهر الديمقراطي. ويضيف لينفيلد أن النتيجة التي لا مفر منها هي أن النظام يعتقد أنه يكفي الاعتماد على الخوف لترسيخ أركانه ، وهو ما يغلق الطريق أمام أي وسيلة لاستيعاب النظام للمعارضة حتى المستأنس منها .
ويؤكد لينفيلد على أن الانتخابات الوحيدة والنزيهة التي شهدتها مصر هي تلك الانتخابات التي أتت بالرئيس الإخواني محمد مرسي .

انتهى كلام الصحفي الصهيوني ، وإن كان في مقاله الكثير من التفاصيل ، لكن هل حال الاستحقاق الانتخابي يقف فقط على احتجاز المرشحين وتخويفهم؟

الإجابة : أن حالة القمع تعدت المرشحين إلى الناخبين ، فتمديد حالة الطوارئ قبل الاستحقاق الرئاسي يشكل بيئة غير صالحة لإجراء هذا الاستحقاق ، ثم ذلك التهديد العلني لرأس النظام في مصر أثناء افتتاحه المشروع النفطي في بورسعيد لكل من يعترض ، أو يحاول التعبير عن اعتراضه هو بمثابة قمع لإرادة الشعب المفترض أن يدلي برأيه بعيدا عن أي ضغوط .

ناهيك عن الحالة الحقوقية المتردية والتي تسجل يوميا إما إعدامات أو إخفاء قسري أو اعتقالات وتلفيق تهم وما يتبعه من تعذيب ممنهج في السجون والمعتقلات ومراكز الاحتجاز.

وليس هذا وفقط بل إن إدارة العملية الانتخابية يشوبها الكثير من الخروقات سواء في قوائم الناخبين أو الإشراف على العملية الانتخابية بعد خروج المرفق المشرف على العملية الانتخابية عن مضمار الحيادية، سواء طوعا أو كرها ، وعدم ثقة جموع الشعب به بعد انزلاقه في الفضاء السياسي واستخدامه فيه من قبل السلطة .

ويأتي فوق كل ذلك حالة التجهيل التي يرتكبها النظام من خلال إعلامه للشعب الفقير المطحون تحت رحى طلب لقمة العيش، التي صارت صعبة بعد زيادة الأسعار وفرض رسوم جديدة تثقل كاهل المواطن على كل مستويات معيشته ، وهو ما يجعله زاهد في ممارسة حقه الدستوري في اختيار رئيسه، مقابل الوفاء بمتطلبات حياته اليومية .

و هو ما يجعل طلب وزير خارجية النظام المصري بمثابة ملهاة ومأساة ، ملهاة للعامة في مصر بمحاولة تجميل قبح الانتخابات الدكتاتورية القادمة ، ومأساة أن النظام يظن أن الغرب لا يدرك وضعه، وإن رضي عنه.       

عن الكاتب

ياسر عبد العزيز

كاتب وباحث سياسي ومدير مركز دعم اتخاذ القرار في حزب الوسط المصري سابقا.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس