ترك برس

تباينت آراء المحللين والمراقبين بشأن أهداف الزيارة التركية أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الاثنين، إلى المركز الروحي للعالم المسيحي "الفاتيكان"، ومباحثاته مع البابا فرانشيسكو.

وأشار تقرير في شبكة الجزيرة القطرية إلى أن الزيارة تحفل بالدلالات التي تتجاوز العلاقات الثنائية والطابع البروتوكولي الذي يحيط بزيارات القادة ورؤساء الدول للمركز الروحي للعالم المسيحي.

وأوضح التقرير أن الزيارة جاءت عقب أجواء مشحونة شابت العلاقات التركية الأوروبية، لا سيما في الفترة التي كانت أنقرة تصف الاتحاد الأوروبي بأنه "نادٍ مسيحي".

كما تأتي في ظل توتر شديد في علاقات تركيا بـالولايات المتحدة الأميركية على خلفية العديد من الملفات لعل أكثرها سخونة عملية "غصن الزيتون" التي تواصل أنقرة تنفيذها ضد المليشيات الكردية المدعومة من واشنطن في الشمال السوري.

وتتزامن الزيارة، وهي الأولى لرئيس تركي منذ نحو ستين عاما، مع تولي تركيا رئاسة منظمة التعاون الإسلامي، الأمر الذي منح الزيارة طابع "القمة الإسلامية المسيحية" وفقا لما يرى بعض المراقبين.

وكان أردوغان قد قال للصحفيين في مدينة إسطنبول مساء الأحد قبل مغادرته إلى الفاتيكان إن زيارته الرسمية تعد بمثابة فرصة مهمة من أجل تسليط الضوء على القيم الإنسانية المشتركة وتوجيه رسائل صداقة وسلام.

وشدّد أردوغان على أهمية الزيارة بصفته رئيس الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي، التي يبلغ عدد سكان دولها مليار و700 مليون مسلم، وكون البابا فرانشيسكو الزعيم الروحي للطائفة الكاثوليكية في العالم.

وأضاف: "هذان القطبان المهمان هما في الوقت الراهن بمثابة عنصر حاسم في المنطقة"، مُشيدًا بمساهمة البابا فرانشيسكو وقيادات دول أخرى بشأن التصويت لصالح قرار القدس في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتصدر موضوع القدس والتطورات فيها المباحثات التي استغرقت زهاء ساعة بين الطرفين أمس الاثنين.

واعتبر المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز أن زيارة أردوغان للفاتيكان حملت العديد من الرسائل الإيجابية على أكثر من صعيد، أهمها التقارب التركي الأوروبي.

وردا على سؤال لـ"الجزيرة" بشأن إمكانية اعتبار زيارة أردوغان طمأنة لأوروبا بأن تركيا الدولة المسلمة لا تشكل خطرا عليها أو على "ناديها المسيحي"، أكد يلماز أن الأوروبيين يدركون أن تركيا لا تشكل خطرا عليهم، لكن جهات أوروبية محددة تعمل على عرقلة انضمامها للاتحاد.

وأضاف أن صعود العنصرية ومعاداة الأجانب والخطاب اليميني المتطرف في أوروبا دفع بكثير من الجهات إلى عرقلة مباحثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي رغم استيفاء أنقرة شروط الانضمام إلى الاتحاد.

وعلى صعيد آخر، استبعد يلماز وجود رابط مباشر بين زيارة أردوغان للفاتيكان وبين الأزمة مع الإدارة الأميركية بشأن ملف عملية "غصن الزيتون"، مشيرا إلى أن المواقف الأميركية ذاتها متناقضة مع نفسها حيال عملية تركيا في الشمال السوري.

وأكد في المقابل أن أساس الزيارة هو ملف القدس حيث تسعى أنقرة للحصول على دعم الفاتيكان لمواجهة قرار ترمب باعتبار المدينة عاصمة لإسرائيل.

من جهته، يقرأ الكاتب والباحث في الشؤون السياسية ماجد عزام في زيارة أردوغان للفاتيكان عددا من الدلالات على ثلاثة أبعاد تتعلق بعلاقات تركيا بإيطاليا والاتحاد الأوروبي والفاتيكان.

ففي البعد الأول، يعتبر عزام الزيارة توطيدًا لعلاقات أنقرة السياسية والاقتصادية بروما التي تدعم المسعى التركي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن تصريحات أردوغان عن العمل لرفع التبادل التجاري بين البلدين من 20 مليار دولار حاليا إلى 30 مليار دولار بحلول العام 2030 تأكيدا لهذا المنحى.

ويشير عزام إلى أن زيارة أردوغان تحمل رسالة الانفتاح على أوروبا من بوابات أمنية وجيوسياسية عبر تأكيد أنه لا مانع حقيقيا من انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي حتى لو كان ناديا مسيحيا.

أما على مستوى الفاتيكان، فيرى عزام أن الزيارة أنهت التشنج الذي شاب علاقات أنقرة بالفاتيكان قبل عام تقريبا على خلفية "ملف مذابح الأرمن" من جهة، ويعيد تركيا إلى دورها التاريخي تجاه القضايا الإنسانية وملفات العالم الإسلامي من جهة أخرى.

ويؤكد أن تعبير أردوغان عن شكره للبابا على موقفه الرافض لقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه القدس يعتبر في صلب مساحة التقارب الإسلامي المسيحي الذي يضعه الرئيس التركي على رأس أجندة زيارته للفاتيكان باعتبارها الرمز المعبر عن الكيان المسيحي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!