ترك برس

ولد "مصطفى بن عبد الله" في القسطنطينية عام 1609، في أسرة كاتب صغير يعمل بديوان العسكرية، و بعد إنهائه لتعليمه الابتدائي سلك خطى أبيه فالتحق عام 1623 بالديوان، ولم يلبث أن توظف محاسبًا في وحدات الجيش بالأناضول.

كان ضمن الحملة العسكرية على بلاد الفرس التي لم توفق في حصارها لبغداد عام 1626، وتوفي والده بالموصل في العام نفسه، فرحل إلى ديار بكر،وشهد حصار أرضروم ما بين عامي 1627 و1628، ثم عاد إلى إسطنبول في عام 1629.

انتقل إلى بغداد، وارتقى في مناصب الدولة، حتى صار من رؤساء الكتاب، ثم عاد إلى إسطنبول واشتغل بالعلم، وعُرِفَ بـ"مُلا كاتب جلبي" أي "رئيس الكتبة" ﻷسرار السلطان "مراد الرابع"، وكان وزير المالية في أيام سلطنته.

صحب الصدر اﻷعظم "محمد باشا" عام 1634 إلى حلب ومنها إلى مكة وبعد أدائه فريضة الحج سمي "حاجي"، وتفرغ بعد ذلك للعلم. وحصل على لقب "خليفة" منذ كان وكيلا في إدارة المالية في السلطنة، وكان حاضرا اجتماع اللجنة الملتئمة على عهد السلطان "محمد الرابع" ﻹصلاح اﻷمور المالية في السلطنة.

تشرب حاجي خليفة الثقافة اﻹسلامية في جميع فروعها الثلاثة وهي اﻷدب العربي والفارسي والتركي، وكان متعطشا للعلم فأخلص في تحصيله وتقديمه.

اعتُبِرَ أكبر موسوعي بين العثمانيين، وقد ارتبطت شهرته الجفرافية والتاريخية بأربعة مؤلفات هي: "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون". هو من أهم مؤلفاته، وهو معجم باللغة العربية، تضمّن 14 ألفًا و501 عنوانًا من جميع فروع العلم واﻷدب آنذاك. وهو أشبه ما يكون بدائرة معارف وسجل عام في تواريخ المصنفات المختلفة، وهو أول مؤلف له، وأنهى تدوينه عام 1641.

ومن مؤلفاته كتاب "تحفة الكبار في أسفار البحار"، وكتاب "جيهان نامة" أي جغرافيا العالم، وكان أول كتاب مطبوع بخرائط ورسوم يظهر في العالم اﻹسلامي.

وقد حاول تقديم حقائق قادمة من الغرب، ولم يخشَ اتّهامه بالبدعة والضلالة، فبالرغم من ثقافته الشرقية الواسعة لم يرفض المصادر الغربية، فقام بترجمة أطلس "جيراردوس مركاتور" بمساعدة راهب فرنسي اعتنق اﻹسلام يُدعى "محمد اﻹخلاصي"، ولم يُتِمّ إلا ثُلثَي اﻷطلس.

ولديه أيضا مُصنّفات تعالج مسائل مالية واقتصادية ومؤلفات في مسائل أدبية وفقهية. وترجع قلة عدد مؤلفاته بين 20 و30 مؤلفًا إلى أن فترة نشاطه التأليفي لم تكن طويلة،فقد انقطع في سنواته اﻷخيرة من حياته إلى تدريس العلوم على طريقة الشيوخ في ذلك العهد. وأنهى مؤلفه اﻷخير قبل عام من وفاته. وتوفي في عام 1657 بإسطنبول.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!