كلاوس جيرغنز - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

يصف تركيا الكثير من الوافدين الذين يعملون أو يدرسون أو يتقاعدون فيها بأنها من أفضل البلدان من ناحية الاحتفاء والترحيب، والرؤية المستقبلية والدولية.

وفي تناقض صارخ، لا يزال الصحفيون الأوروبيون ينشرون الافتراءات التي تهدف إلى تشويه الصورة الحسنة لهذه الدولة، في حين أنهم لم يضعوا قدمهم سابقاً على أرضها.

وبالمثل فإن المراسلين الأجانب الذين يجوبون أنحاء البلاد على ما يبدو، نيابة عن بواباتهم الإخبارية الأجنبية لم يضيفوا إلا السلبية. وبغض النظر عن مدى تأثير هذه الأقلية المناهضة لتركيا من المعلقين، وبغض النظر عن من يدعمهم في دوائر الأعمال والإعلام والأوساط السياسية، يجري العمل على مواجهتهم بحملة لإخبارهم أن ما يفعلوه هو أي شيء عدا الصحافة، كما يمكن لمجتمع الوافدين، وكذلك جميع أصدقاء تركيا الذين يعودون إليها في كل عام أن يكونوا جزءاً حيوياً من هذه الحملة.

كيف يمكن بعد كل ذلك أن يستمر بعض السياسيين الأوروبيين، والمنصات الإعلامية، والدوائر المشرفة على الترويج للسلبية الكاذبة؟

هذا الاتجاه المقلق والمثير يقودنا إلى الاعتقاد بأن هؤلاء الرافضين، إما أنهم لا يريدون تقبل حقيقة أنهم على خطأ، أو أنها ببساطة مجرد غطرسة مقترنة بالجهل، والأسوأ من ذلك، هل هناك ربما خطة رئيسية وراء كل هذا؟

هناك المغتربون وهناك السياح، أيضا

ماهو أكثر من ذلك، عشرات الملايين من السياح الأجانب الذين اختاروا تركيا كمقصد لقضاء عطلاتهم، بالتأكيد يمتلكون شيئاً جميلاً لقوله عن تركيا، وهذا في حال أتعب نفسه أحد من وسائل الإعلام نفسها في سؤالهم عن تركيا حين عودتهم منها إلى ديارهم.

نحن نصادف أحياناً في مقابلاتنا الغريبة مع السياح الأوروبيين من يشرح لنا منهم سبب قضاء عطلته في تركيا، لكن إيجاد تلك الأصوات الصديقة لتركيا يشبه البحث عن إبرة في كومة قش.

وعندما نقارن تقارير وسائل الإعلام الأوروبية مع التجربة التي تخوضها بنفسك في تركيا، يصبح الأمر وكما لو أننا نتحدث عن مكانين مختلفين، من ناحية هناك العديد من السكان الأجانب الذين يعيشون بسعادة في تركيا مقترناً بالتدفق المستمر للسياح الأجانب، الذين يعبرون على حد سواء عن رضاهم وسعادتهم، ومن الناحية الأخرى، تجد هناك مخرجات وسائل الإعلام الأجنبية التي لا تستطيع القيام بشيء سوى فبركة القصص المرعبة والتي تجعل من تركيا بلداً ينصح بعدم الذهاب إليه.

لذلك سوف نقوم بالتحليل والتفكيك المباشر لما يمكن أن يوصف بأنه عرض وتقديم التخيلات على أنها حقيقة.

حقائق لينة: مضياف بالفطرة

تعد تركيا بلداً مضيافاً للغاية استناداً إلى أن الشعب التركي شعب مرحب ومضياف بطبيعته، يمكن لأي شخص التقى بعائلة تركية أثناء احتفالها بعيد ميلاد، أو تمت دعوته لحضور حفل زفاف، أو شارك في احتفالية الشهادة المدرسية الفصلية، أن يفهم أن هذه الأمة المليئة بالمشاعر الجيدة هي بالفعل رقم واحد.

وهذا يشمل أيضاً الخروج مع الأصدقاء والزملاء أو الذهاب إلى المباريات. لا عجب إذن أن هذه البلاد التي تمتلك الطبيعة الساحرة تمتد تلقائياً إلى أولئك الذين وصلوا إليها حديثاً على طول 8.333 كيلومتر من السواحل، هذه الصفات التي تتسم بالهدوء والترحيب وإكرام الضيف أو الجار المستقبلي والاهتمام به، توجد مكاناً يقبل فيه جميع الأشخاص من مختلف الخلفيات سواء على الصعيد الإثني أو الجنسي أو العرقي وما إلى ذلك.

قد يبدو وهذا بمثابة إعلان لوكالة متخصصة بالعلاقات العامة، لكن الحقيقة هي أن بعض الدوائر المناهضة لتركيا في أوروبا لا تريد أن تسمع، وبالتأكيد، لن تنشر أبداً.

الحقائق الصلبة: تركيا القوية تغضب بعض الدوائر

يستطيع المرء افتراض أن المعضلة الكلية لاصحاب حرب الألفاظ الشائنة، بدأت عندما نمت تركيا، وأصبحت أقوى، ووقفت على قدميها بفخر بدلاً من أن تستقبل تعليمات ماعليها فعله من عواصم أخرى، هذا التوجه المتصاعد بدأ عندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم بفوز ساحق في شتاء عام 2002، ومنذ ذلك الحين نجح الحزب في إدارة البلاد، وبرزت حينها أمة مزدهرة، صحية، مستقرة، ذات رؤية مستقبلية، تتكامل تماماً مع عالم معولم، بقوة سياسية خارجية أقوى من أي وقت مضى.

إذا كان أحدهم ضليعاً في مناهضة تركيا، تبدو حينها تركيا مجرد وجهة للسياحة لا تمتلك أي أهمية، لكن مع ذلك فإن الأمة التركية الفخورة، تطورت وتقدمت خطوة بخطوة، متجاوزةً انكماشاً اقتصادياً حاداً قبل عام 2002، حينها شعر الناس بأنهم قد اكتفوا وحان وقت التغيير القريب.

إن الديمقراطية التركية الجديدة كما نعرفها اليوم كانت في طور النمو، لكن تركيا الآن خرجت من شرنقة الاعتماد على القوى الأجنبية للإدارة والتشغيل وأصبحت تعتمد على نفسها في صناعة مستقبلها.

ومع ذلك، فإن أكثر شيء مقلق هو: هل تركيا القوية المزدهرة هي التي لا تريدها أوروبا، أم ربما هي تخشاها أيضاً؟ هل يمكن أن يزيل التطور والتقدم منذ 2003 القيود التي فرضتها أوروبا كونها نادٍ مسيحي فقط؟ إذا لم يكن ذلك مقنعاً، إذاً هل سوف يكون هناك أي ضوء يلوح في أفق نفق الانضمام للاتحاد الأوروبي؟

إنه خداع وكذب، تستطيع تركيا أن تبدو بشكل أفضل في مكان آخر، من وجهة نظر شخصية، وعلى الرغم من أنني نشأت في أوروبا الوسطى، لكنني ببساطة لا يمكن أن أدعم مثل هذا التضليل الصارخ الذي يقوده بعض من عناصر من جيلي عن تركيا الجديدة.

يجب أن تكون هناك أغلبية صامتة واسعة من شأنها أن تعزز مكانة تركيا الحديثة وتفهمها وتحترمها حينها يمكننا أن نستمع إليهم.

الوافدون والسياح يمكن أن يصبحوا سفراء النوايا الحسنة في تركيا

هناك اتجاه جديد ينشأ، وبما أن وسائل الإعلام الأوروبية ترفض أن تظل دقيقة، فقد وجد الوافدون طرقاً أخرى للحصول على رسائلهم التي تدعم تركيا هناك.

النقطة الأخيرة هي أن هذه التغذية الإيجابية الراجعة، تحتاج إلى تعزيز إضافي في الوطن، فالوافدون هم الرحالة، وعدد قليل يبقى في الخارج لأكثر من عامين بدون زيارة وطنه، وبعد عودتنا إلى ديارنا، علينا الحديث عن الوقت الإيجابي الذي نقضيه في تركيا، وربما إنشاء فعالية خيرية بعد العودة للوطن، واعتماد الأسلوب التركي في الضيافة، أو مثلاً إلقاء خطاب في مراكز تعليم الكبار مدعوم بالوسائل البصرية، هذه الأنشطة لا تتطلب معدات خاصة فقط أنت، وذاكرة تخزينية (USB).

أو الذهاب للقاء مع المستشارين المحليين أو أعضاء من البرلمان والتحدث معهم بشكل شخصي عن مدى جمال الأمة التركية، أو كتاب مقال لصحيفة محلية حيث تحتوي بعض أوروبا على المئات منها وقد يكون بالإمكان الحصول على المساحة التحريرية المطلوبة.

نحن نمقت الكذب والأخبار الوهمية، نحن نكره وسائل الإعلام المناهضة لتركيا متى ما ظهرت أمامنا، نحن ببساطة مثل تركيا الحديثة بكل تنوعها واختلافها، لقد آن الأوان لإعلان تركيا كأمة صالحة كما هي في الواقع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!