ترك برس

قامت مصممة الأزياء المصغرة التركية، سيفدا تشيليك، بتصميم 600 قطعةٍ فريدة من نوعها حتى الآن، وتتكون مجموعتها الجديدة "Hayallerim Askıda Kalmasın - Zamana Yolculuk" والتي تعني (تحقيقُ أحلامي - رحلة عبر الزمان) بالعربية، من 192 قطعة استوحت فيها من أزياء الكونتيسات ومن بعض الفترات التاريخية أيضًا. والكونتيسا، لقبٌ كان يُطلق على النساء من طبقة النبلاء في الدول الأوروبية في العصور الوسطى.

استغرق عملُها على المجموعة الأخيرة عامين ونصف. ومن أجل أن تتأكد من خروج القطع بالشكل والمفهوم الذي تريد، وضعت سيفدا كامل جهدها في هذه المجموعة. حيث قرأت الكتب المعنية بالأزياء، وقامت بالتدريب في أكاديمية إسطنبول للأزياء، كما أجرت عددًا من البحوث في المكتبة. بالإضافة إلى أنها شاهدت الأفلام القديمة للاستفادة من أزياء الفترة التي استوحت منها قطعها، كما استفادت من المقالات والبحوث على الإنترنت والاستماع أيضًا لبعض القصص الحقيقية من تلك الفترة.

تصفُ سيفدا تصاميمها على أنها (ترجمة المفاهيم على الكروشيه) والتي تقوم بعرضها في (البوتيك المصغر) الخاص بها والذي افتتحته قبل خمس سنوات. وتلخص سيفدا شعار عملها في جملة (تحقيق أحلامها).

تقول سيفدا: "إن مشروع البوتيك المصغر هو إعادةُ بناءٍ للأحلام المؤجلة، أو تلك التي لا يمكن تحقيقُها لسببٍ ما. بإمكاني تسميته بعالم المرأة، والصوت الداخلي، وروح الفن. العديدُ من الناس الذي يرونه يقولون: نعم، يجبُ أن أحقق أحلامي".

"الثوبُ غالبًا يكون حيًّا ويتحدثُ إلي"

استوحت سيفدا مجموعتها من أزياء الكونتيسا، وغطّت من خلال هذه المجموعة فترةً استمرت لثلاثة قرونٍ هي الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، كما استوحت أيضًا بعض أزيائها من فترة الروكوكو، والعصر الفكتوري، وفترات الحرب.

تقول سيفدا: "عملت أيضًا على الفترات التي بدأ فيها مفهومُ الموضة بدخول حياتنا. تميزت تلك الأوقات بأنها جمعت بين الحرفية والجمال وجودة النسيج، كما كان الفنُُّ عندها هو العنصر الأساسي في صناعة الملابس. لقد رأيت في معارضي أن الناس الذي عاشوا تلك الفترة أو سمعوا عنها، يجدون أنفسهم في تصاميمي المصغرة".

وتشرح سيفدا عن معنى الأزياء المصغرة بالنسبة لها، حيث تقول: "أنا لا أستخدم المانيكان لعرض ملابسي، إنما أعرضُ القطعة وحدها لكي يرى الشخصُ فيها المرأة التي تعيشُ في ذهنه".

وتضيف: "أثناء عملي على الملابس، أتخيل المرأة التي تحمله ومواقف الحياة التي مرت بها، وحينما تصبح القطعة جاهزة، أشعرُ وكأنها باتت على قيد الحياة وأسمعها تتحدث إلي".

مجموعةٌ مستوحاةٌ من العصر الفكتوري

صورت سيفدا في الأزياء التي قامت بصناعتها، الشخصيات التي ظهرت في الروايات الكلاسيكية والأفلام القديمة. وتضمنت الأزياء المصغرة التي صممتها شخصية آنا كارينينا، سيدة الكاميليا، ومدام بوفاري. تقول سيفدا: "أصور شخصيات الروايات بمفاهيمي الخاصة من خلال نموذج أزياءٍ معينٍ وألوانٍ معينة. أحاول أن أعطي لمساتٍ روحانية للشخصيات من خلال تلك الألوان، فعلى سبيل المثال (سيدة الكاميليا) هو ثوبٌ ارتدته غريتا غاربو في هوليوود".

ليس من السهل نقلُ الشخصيات إلى الملابس، خاصةً وإن حملت تلك الشخصياتُ معها ثقلًا تاريخيًا كبيرًا، وتؤكد سيفدا على أن أصعب الفترات التي استوحت منها وحاولت تصويرها على الملابس، كانت فترة العصر الفكتوري في القرن التاسع عشر، فقد كان من الصعب جدًا نقل المفاهيم التي حملتها فكتوريا إلى الملابس بدقةٍ وإتقان. أما عن الشخصية التي واجهت سيفدا خلالها أصعب التحديات خلال مسيرة عملها، فقد كانت ماري أنطوانيت التي أخذت وقتًا منها أكثر من أي شخصيةٍ أخرى.

إن للأزياء علاقةً وطيدةً بمضمون الحياة التي يعيشها كلٌّ منا، توضح سيفدا ذلك بقولها: "كان نمطُ الحياة الباذخ في قصر فرساي في فرنسا وفي حياة الأرستقراطيين، أحد أهم الأسباب الكامنة وراء الثورة الفرنسية. فالملابس التي كانت ترتديها ماري أنطوانيت قد استهلكت كمياتٍ كبيرةٍ جدًا من النسيج، لقد قضيتُ الكثير من الوقت في صنع فستان ماري أنطوانيت الرقيق جدًا. واجهتُ صعوبةً في العمل عليه، بسبب التفاصيل الكثيرة الموجودة في كل جزءٍ منه".

بعد افتتاحها العديد من المعارض، تقول سيفدا أن أولئك الذين يرون الملابس المصغرة يدوية الصنع لا يمكنهم تمييز ما إذا كانت هذه الملابس مصنوعةً من القماش أو تمت حياكتُها، وتوضح السبب وراء ذلك بقولها: "إن السبب الذي يجعل الناس غير قادرين على تمييز ذلك هو أن الملابس مصنوعةٌ من خيوطٍ دقيقةٍ جدًا، ولكن عندما يقتربون من القطعة بإمكانهم الإدراك أنها تمت حياكتُها. ولدى النظر إلى الأحذية فإنهم لا يصدقون أعينهم، لقد تمكنتُ من إصلاح الكعب دون استخدام أي دعم. أولئك الذين يرون نسخةً مصغرةً عن أزياء الموضة التاريخية يشعرون بالحيرة".

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!