مجاهد الصوابي - خاص ترك برس

خبراء: تركيا لن تنخدع بالاعيب امريكا وستواصل تطهير عفرين ومنبج

 بعد ظهور تقرير أفصحت عنه لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي مساء أمس، تعترف فيه بأن تنظيم "ي ب ك" ميليشيا تتبع "بي كي كي" وتسعى للانفصال في شمال سوريا لإقامة حكم ذاتي، وتصنفه كمنظمة إرهابية، وتؤكد أن "صالح مسلم" هو زعيم ذراع "بي كي كي" في سوريا، كما تزعم واشنطن أنها تقدم الدعم للتنظيمات الإرهابية للقضاء على تنظيم داعش في سوريا.

في تصريحات أعلنها الرئيس رجب طيب أردوغان أمس بأن قرار الولايات المتحدة مواصلة تقديم الدعم المالي لـ"ب ي د" ذراع "بي كي كي" التركي سيؤثر على قرارات تركيا مستقبلا. وذلك في أعقاب رصد 550 مليون دولار للمنظمات الإرهابية ضمن ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2019.

وقال أردوغان: "سيكون من الأفضل بالنسبة لهم عدم الوقوف في صف الإرهابيين الذين يدعمونهم اليوم وأناشد شعب الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يأتي هذا المال من جيوبهم بعدم دعم الإرهابيين."

وأضاف أردوغان في البرلمان: "من الواضح أن من يقولون سنرد بشكل عدائي إذا ضربتمونا لم يجربوا من قبل صفعة عثمانية". 

بينما قال بن علي يلدريم في تصريح له: "إن تركيا ستحبط مخططات إنشاء دولة إرهابية على حدودها، لا سيما وقد انتهى مبرر الإدارة الأمريكية التي كانت تتذرّع به لدعم تنظيم "ب ي د" امتداد "بي كي كي" الإرهابي في سوريا لمواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، وذلك باندحار "داعش" الآن، فلماذا تستمر في دعم التنظيمات الإرهابية  بأكثر من 3 مليارات دولار وتقديم السلاح لهم؟!".

بينما قال رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو في حواره أمس مع تلفزيون الجزيرة، إنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تحترم تركيا الدولة والشعب ولا تتحداهم، وأن تتخلى عن أعداء تركيا في الحال وتقوم بتسليم فتح الله غولن.

ومن جهته وصف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمام مؤتمر العلاقات التركية الإفريقية بإسطنبول، علاقات بلاده مع الولايات المتحدة الأمريكية، بأنها وصلت إلى نقطة حرجة للغاية، فإما يتم إصلاحها أو أنها ستسوء تماما.

بداية يؤكد باكير إتاجه الكاتب والمحلل السياسي التركي، أن أمريكا "مارست الكذب والخداع مع تركيا فترات طويلة رغم دعمها للإرهابيين في الخفاء، وتحاول إقناع تركيا بأنها حريصة على علاقة جيدة معها؛ حتى فضحتها ممارساتها في منبج وترسخت قناعة ثابتة لدى القيادة التركية بوجوب حماية أمنها القومي بنفسها."

ويضيف لـ"ترك برس" أنه منذ تلك اللحظة اقتنعت تركيا بأنه لا حل سوى محاربة هذا الإرهاب حتى ولو دعمته أمريكا ووقفت من خلفه بشكل مباشر أو غير مباشر، ومهما يكلف الدولة التركية من أموال وجنود للقضاء على هذه المنظمات الإرهابية حتى تحمي أمنها القومي؛ لأن المخطط الأمريكي يهدد تركيا وسوريا والدول العربية ككل.

67% من قيادات "ب ي د" أتراك

علاوة على أن هذه المنظمات الإرهابية "ب ي د"، و"ي ب غ"، و"بي كي كي" إذا تمكنت من منطقة شمال سوريا لعمل كيان انفصالي فإنها ستتحول إلى بؤرة توتر وقلاقل وصراعات تفسد على المنطقة هدوءها واستقرارها، وستكون بداية زرع الفتنة لتمزيق كافة دول المنطقة وتحاكي الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية.

ويؤكد أتاجه، أنه بالنسبة لهذه المنظمة الإرهابية فإن إجمالي عدد قيادتها 109 قيادي منهم 9 أشخاص يحملون الجنسيات الأوروبية ويمثلون التنظيم الإرهابي في دول الاتحاد الأوروبي وهم يعتبرون أوربيين، بينما يحمل 27 قيادي آخر الجنسية السورية وباقي القياديين الـ73 جميعهم يحملون الجنسية التركية وكانوا قياديين بارزين في حزب "بي كي كي"؛ ولذلك فإن من حق الدولة التركية أن تتحرك ضد هؤلاء المارقين من أجل حماية أمنها القومي.

كما أن امتدادهم في سوريا غير مستقل ولا منفصل عن سيطرة قيادة "بي كي كي"؛ إذ يعد القيادي المعروف في بي كي كي "جولير شاهين" رئيس هذه المجموعة ممثلاً عن جبال قنديل المركز الرئيسي لعناصر التنظيم الإرهابية.

ويقول اتاجه، إن هؤلاء لا يمثلون الأكراد من قريب أو بعيد، حيث أنهم عملاء للأمريكان والصهاينة ويخدمون ويمثلون من يدفع لهم ومن يستخدمهم لتحقيق مصالحه وتهديد الدولة التركية بينما تجد غالبية المزاج العام للأكراد مع الدولة التركية وضد الإرهاب ويتمتعون بكافة حقوق المواطنة في تركيا.

وأعرب عن عدم تفاؤله بمستقبل العلاقات بين تركيا وأمريكا مؤكداً أنها تتجه نحو التأزم، وربما نحو حدوث صدام إن عاجلاً أو آجل ولو بعد 10 سنوات؛ لأن أمريكا وضعت في مخيلتها أن صعود القوة التركية اقتصاديا وسياسيا وصناعيا سيكون بمثابة عقبة في وجه المخططات الأمر- صهيونية.

تركيا أفسدت حسابات أمريكا في سوريا

ومن جهته يؤكد مصطفى أوزجان الكاتب الصحفي والمحلل السياسي التركي، أن وصف الاستخبارات الأمريكية لـ"ب ي د" على أنه امتداد لـ"بي كي كي" هي كذبة جديدة ومناورة أمريكية مكشوفة ولن تنطلي على القيادة التركية التي خبرت الكذب الأمريكي وعدم الوفاء بالوعود، مشيرا إلى ضرورة أن تتعاطى أمريكا مع تلك الاعتراف بخطوات عملية ملموسة على الأرض أقلها التخلي الفوري والمباشر عن دعم هذه التنظيمات الإرهابية.

وأضاف أنه عندما تعترف لجنة الاستخبارات في الكونغرس الأمريكي بأن "ب ي د" و"ي ب ك" تابعين لـ"بي كي كي" فإن ذلك يعني أن تلتزم أمريكا ولا تراوغ وتستمر في استفزاز تركيا وإظهار روح العداء لها، مشيراً إلى أنها قد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح حال التزمت أمريكا بها ونتمنى أن يتعاملوا على هذا الأساس، ولا يقولون إنهم يرسلون أموالاً للإرهابيين لمحاربة "داعش" كأكذوبة جديدة يريدون بها خداع القيادة التركية.

وأوضح أوزجان أن موقف الرئاسة التركية كان قويا وصارماً تجاه تلك اللاعيب الأمريكية عندما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "من يهددوننا في منبج لم يجربوا من قبل اللطمة العثمانية!!".

واستبعد أن تؤثر هذه المناورة المتمثلة في هذا التقرير الاستخباراتي في صلابة الموقف التركي الذي سألهم عن مصير آلاف المقاتلين في داعش ومصيرهم ملوحاً أن أمريكا تدعم داعش ولا تحاربها كما تدعي حيث كشف الروس عن ممرات آمنة وفرتها القوات الأمريكية لتمكين عناصر داعش من الانتقال ما بين سوريا والعراق!!.

 وأوضح المحلل السياسي أوزجان أن العلاقات التركية الأمريكية ربما لا تصل لحد الطلاق البائن، ولكنها ستمر بعدم انسجام وفتور يتزايد وفقا لسخونة المواجهات بينهما وربما تصل في النهاية إلى القطيعة إذا أصرت امريكا على دعم أعداء تركيا؛ لا سيما وأن أمريكا تتخبط في سوريا ولا تعرف ماذا تفعل وتستعرض عضلاتها في عفرين.

وقد نجحت تركيا في إثبات أن حسابات واشنطن كانت خاطئة لأنها قامت على أساس التحكم في موقف تركيا ومنعها من التدخل في عفرين، ولكن القيادة التركية أفسدت تلك الحسابات بقيامها بعملية تطهير عفرين ما أحدث ربكة في الموقف الأمريكي؛ لأن الأمر فيه مساس بالأمن القومي التركي لا يمكن القبول به أو السكوت عليه.

مراوغة سياسية مكشوفة لاستنزاف تركيا

ومن جهته يؤكد فخر الدين داده رئيس تحرير موقع تركيا تايم، أن هذا الاعتراف الأمريكي بتبعية "ي ب ج" لحزب العمال الكردستاني الإرهابي في سوريا لا يعدو كونه مراوغة سياسية لم تتجاوز حدود الحبر الذي كتبت به؛ بغرض إبعاد تركيا عن التحالف مع روسيا وتقويض دورها في حماية الشعب السوري وحماية حدودها.

وأضاف دادده لـ"ترك برس"، أنه اعتراف لا يغير من حقيقة الواقع الجلي بأن الإدارة الأمريكية تقدم كل الدعم للمنظمات التي تعبث بأمن تركيا وتسعى لإحداث قلاقل توقف حركة التطور والتقدم الذي تعيشه تركيا اليوم وتهدد أمنها القومي، ونستطيع أن نقول وبوضوح إن هذا الاعتراف قائم على سياسة التلاعب والمراوغة والمماطلة والتنمر الأمريكي حيال تركيا.

كما أن واشنطن لن تتراجع عن مواقفها المعادية لتركيا؛ حيث نكث الرئيس ترامب في وعوده للرئيس أردوغان بسجب الأسلحة من منبج وتسليمها لأهلها من السكان العرب وأبقوا على المنظمات الإرهابية في منبج بل ويلتقط الضباط الأمريكان الصور مع تلك الإرهابيين!!

وقال دادده إن الأمريكان يمكنهم التنازل عن مدينتي عفرين ومنبج حيث أن أهميتهما أقل بكثير من مدن شرق الفرات والتي من المنتظر أن تشهد المواجهة الحقيقية في منطقة كوباني وما حولها حيث من المتوقع أن تكون الحرب الأساسية لتركيا ضد تلك التنظيمات هناك، لا سيما وأنه يوجد أكثر من 11 قاعدة أمريكية في شرق الفرات.

وألمح إلى أنهم يخططون لاستنزاف تركيا في عفرين ومنبج حتى لا تقوى على المواجهة في معارك شرق الفرات شمال شرق سوريا، مشيرا إلى أن العلاقات الأمريكية التركية قد تتكسر على صخرة شرق الفرات وتذهب إلى حد القطيعة بينهما إن لم يكن المواجهة، وإن كانت ستستمر حتى بعد منبج.

الاعتراف يؤكد إجرم أمريكا بحق تركيا

ويرى د. إبراهيم بوعزي الإعلامي والأكاديمي التونسي الخبير في الشؤون التركية، أن الاعتراف الأمريكي الأخير بأن وحدات حماية الشعب تابعة لحزب العمال الكردستاني "بي كي كي"، ليس مفاجئاً لتركيا بل هو حقيقة كان على واشنطن الاعتراف بها منذ زمن بعيد؛ فحزب العمال الكردستاني مصنف إرهابياً من طرف تركيا وأمريكا وعدد من دول الغرب.

ويضيف بوعزي لـ"ترك برس" إن أكثر من 500 شاحنة مليئة بالأسلحة والذخيرة قدمتها واشنطن لتلك المليشيات الإرهابية، وهي جريمة لو ارتكبتها دولة أخرى لتم قصفها واحتلالها بذريعة دعم الإرهاب، ناهيك عن القرار الأمريكي الأخير القاضي بتخصيص أكثر من نصف مليار دولار لتمويل تلك الميلشيات الإرهابية التي تسعى لتقسيم الأراضي السورية وتهديد وحدة كل من تركيا والعراق وإيران.

كما أن التقرير الأمريكي الأخير من شأنه تعزيز موقف تركيا في مختلف المحافل الدولية، لكنه لن يشكل ورقة ضغط قوية على أمريكا، التي تسيطر على القرار الدولي والرأي العام العالمي وعلى مختلف المؤسسات والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.

ويشير بوعزي، إلى أن التقرير سيساهم كذلك في رفع الالتباس القائم في العلاقات التركية الأمريكية والتي شابها نوع من النفاق وازدواجية المعايير منذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما؛ فأمريكا الآن باتت في موقف حرج وستسعى لتقليص دعمها للانفصاليين الأكراد في شمال سوريا، على المستوى المعلن على الأقل.

 وربما ستسحب واشنطن قواتها من منبج كي لا تشتبك بالقوات التركية بعد أن تنتهي من تطهير عفرين من تلك العناصر الإرهابية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!