نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تعيش العلاقات التركية الأمريكية واحدة من أكثر فتراتها اضطرابًا. ويأتي في طليعة أسباب الأزمة المتفاقمة مسألة حزب الاتحاد الديمقراطي، فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا.

تعتبر تركيا أن تعاون الولايات المتحدة مع الاتحاد الديمقراطي يستهدف أمنها ووجودها مباشرة. ومع أن حزب العمال الكردستاني بلغ موقعًا متفوقًا بفضل الحرب السورية إلا أنه مدين بتطوير قدارته للتعاون مع الولايات المتحدة.

فالحزب اليوم يسيطر على 30% من مساحة سوريا، ويمتلك قدرات عسكرية علاوة على الإمكانيات الدعائية والموارد الاقتصادية.

لم تتمكن تركيا من الحيلولة بالطرق الدبلوماسية دون التعاون المذكور، فبدأت باتباع استراتيجية "غير مباشرة" عن طريق إطلاق عملية غصن الزيتون في عفرين، الشهر الماضي. 

ولا بد أن الاستراتيجية آتت أكلها، لأن التحركات الدبلوماسية تزايدت بشكل كبير في الآونة الأخيرة. ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تتعامل، في إطار سياساتها تجاه المنطقة، مع حزب الاتحاد الديمقراطي وكأنه "جيش متوطن".

وبالنسبة للأدوار التي أعدتها واشنطن لحزب الاتحاد الديمقراطي، أولًا، يشكل الحزب، بصفته مجموعة "متوطنة"، مشروعة للوجود العسكري الأمريكي في سوريا.

ثانيًا، تقيد الولايات المتحدة الوجود الروسي في سوريا عبر حزب الاتحاد الديمقراطي. وهي تعلن نيتها حمايته في كل فرصة. فقد قصفت مقاتلاتها الأسبوع الماضي عناصر شركة أمنية روسية خاصة كانوا يحاولون العبور إلى شرق الفرات، فقتل الكثيرون منهم. وبررت واشنطن القصف بإنها كانت تحمي حليفها.

ثالثًا، تحجيم سلطة ومستقبل الأسد في العملية السياسية، فمن المحتمل أن تصر واشنطن على كيان فيدرالي في سوريا يمثل فيه حزب الاتحاد الديمقراطي الأكراد بموجب الدستور الجديد. وستقدم على الخطوات اللازمة من أجل جعل الحزب حجر أساس في النظام.

رابعًا، كلفت الولايات المتحدة حزب الاتحاد الديمقراطي بمهمة كسر النفوذ الإيراني في المنطقة. وفي هذا السياق تسعى واشنطن إلى تحميل الحزب الدور الرئيسي من جهة، وإعداد جو مناسب للتحرك مع العرب السنة، ووضع الآليات اللازمة لذلك. وبهذا ينكسر النفوذ الإيراني في لبنان، ويساهم حزب الاتحاد الديمقراطي في تحقيق أمن إسرائيل.

أخيرًا، بتشكيل حزام لحزب الاتحاد الديمقراطي على طول الحدود التركية الجنوبية سيمنع خروج عناصر تنظيم داعش من سوريا، كما أنه سيخفف تأثير تركيا على العرب السنة. وتأمل واشنطن بتصوير حزب العمال الكردستاني على أنه قوة عسكرية لا تقهر، وبالتالي يمكن أن تصبح تركيا بعد فترة جاهزة للجلوس إلى طاولة المفاوضات معه.

تبدو قائمة الأدوار التي أعدتها الولايات المتحدة من أجل حزب العمال الكردستاني "طموحة" جدًّا، فهل يستطيع الحزب النهوض بمثل هذه الأعباء الثقيلة باسمه وباسم الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟ هذا ما سوف نراه.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس