ترك برس

لم تكن تركيا بمعزل عما حدث ويحدث في منطقة الشرق الأوسط التي تسارعت فيها الأحداث بشكل عام والأمنية بشكل خاص، وخاصة عقب ثورات الربيع العربي. الأمر الذي أثر على معادلات السياسة الداخلية والخارجية والعسكرية في تركيا. وفي السنوات الأخيرة وبالتحديد عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو/تموز 2016 في تركيا، بات مدى كفاءة وقدرات الجيش التركي موضع نقاش، خاصة بعد إطلاق الحكومة عملية تطهير صفوف القوات المسلحة من أتباع تنظيم "غولن" الذي تصنفه أنقرة إرهابياً وتتهمه بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية. فقد وُجّهت لقرابة 9236 شخصاً تهمٌ بالانتماء للتنظيم المذكور، فيما سُجن نحو 5399 ممن تأكد تورطهم في المحاولة الانقلابية أو عملهم لصالحه ضمن صفوف الجيش.

وفي هذا الإطار أظهر تقرير نشره مركز إدراك للبحوث والاستشارات، أرقاماً وإحصائيات متعلقة بعمليات الجيش التركي خلال الأعوام الأخيرة، والخسائر التي ألحقها بالمجموعات المستهدفة سواء داخل او خارج البلاد.

وينقل تقرير مركز إدراك عن رئاسة هيئة الأركان العامة للجيش التركي في أنقرة، حول التقييم العام لعمليات الجيش التركي في إطار مكافحة الإرهاب لسنة 2017. وبحسب الأرقام التي نُشرت، أشار هذا التقييم إلى أن الجيش التركي أظهر مستوى عاليًا لتدخلاته العسكرية مقارنة بالسنوات السابقة، علماً وأن التدخل عسكرياً أضحى بمثابة أولوية بالنسبة لتركيا أكثر من أي وقت مضى. وقد أشار التقييم إلى تحييد قرابة 7016 إرهابياً، بما في ذلك القضاء عليهم خارج ساحة المعركة بطريقة أو بأخرى.

أما بالنسبة لتقييم العمليات داخلياً، بما في ذلك في شمالي العراق، فقد تم القضاء على 2701 إرهابياً وحجز 2889 سلاحاً من مختلف الأنواع. كما أضحت المستودعات والملاجئ التي يستغلها حزب العمال الكردستاني غير صالحة للاستعمال، فضلاً عن إيقاف 195439 شخصاً خلال محاولة عبورهم للحدود.

كما يشمل تقييم رئاسة الأركان التركية، حجز وسائل تمويل الإرهاب على غرار الوقود والسجائر المهربة، إضافة إلى حجز 4734027 طناً من نباتات القنب و54 طناً من المخدرات. وقد تم دعم القوات البرية، التي انتشرت لإنجاز هذه المهام، بقرابة 399 عملية جوية.

وبحسب تقرير "إدراك" استكملت هذه العمليات الداخلية لمكافحة الإرهاب بعمليات أخرى خارجية تستهدف كلّاً من تنظيم "داعش" و"بي كي كي". ووفقاً للأرقام التي صرّح بها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي في أنقرة، انتهت هذه العمليات في 12 كانون الثاني/يناير سنة 2018 ضد تنظيم "داعش" عبر قاعدة بعشيقة التي تقع على بعد 15 كيلومتراً من شمال شرق الموصل. وقد ساهمت هذه العمليات في تصفية 717 عنصراً من التنظيم الإرهابي مع تدمير بعض مواقع القتال، ومعدات من بينها دبابة واحدة، ومدافع، و110 عربات.

أما بشأن العمليات التي استهدفت شمال سوريا، فقد تم إطلاق عملية "درع الفرات" في 24 آب/أغسطس سنة 2016 لدعم الجيش السوري الحر في إطار حماية تركيا من أي تهديد أو هجوم إرهابي. وانتهت هذه العملية في 29 آذار/مارس سنة 2017 بالسيطرة على جبهة تمتد على 2015 كيلومتراً مربعاً و243 مركزاً سكنياً بين أعزاز وجرابلس.

وفي هذا الصدد، تم تحييد 3598 إرهابياً من بينهم 3060 من تنظيم "داعش" و538 من تنظيم "بي كي كي" منذ بداية هذه العملية. ومن بين المعدات المُدمرة التي تتبع لتنظيم الدولة، تم تدمير 308 عرباتٍ وخمس طائرات من دون طيار. في حين خسر حزب العمال الكردستاني، من جهته، 28 عربةً مسلحة وطائرتان من دون طيار و28 موقع قتالٍ. وقد وصل عدد العمليات الجوية المستهدفة لتنظيم "بي كي كي"، ضمن إطار عملية "درع الفرات"، إلى قرابة 303 طلعات جوية.

وقد دفعت نهاية هذه العملية بتركيا إلى اتخاذ تدابير تهدف إلى تجنب التعرض لهجمات من قبل كل من "بي كي كي" و"ي ب ك"، انطلاقاً من المنطقة الممتدة بين عفرين ومنبج، علما أنه قد تم إطلاق عمليات انتقامية، خاصة من جبهة أعزاز- مارع، ومن منبج أحيانا. وفي هذا السياق، تم نشر وحدات من القوات التركية في منطقة إدلب لمراقبة مناطق تخفيف التوتر التي تم إدراجها ضمن إطار اتفاقية أستانا.

فضلاً عن ذلك، تمت إقامة ثلاث نقاط مراقبة في 13 و23 تشرين الأول/أكتوبر، و19 تشرين الثاني/ نوفمبر خلال سنة 2017، في حين لا تزال نقاط أخرى بصدد التشكيل، إذ تتطلع السياسة التركية إلى عرقلة إنشاء "ممر للإرهاب" في سوريا. ويقف مستقبل نقاط المراقبة منطقياً على مدى نجاح عملية "غصن الزيتون"، وخاصة على إمكانية امتداد العملية حتى شمال شرق سوريا.

تجدر الإشارة إلى أن نتائج العمليات العسكرية الداخلية والخارجية المذكورة آنفاً كانت ذات وقع كبير، حيث قتل 197 جندياً بينهم 67 سقطوا ضمن إطار عملية "درع الفرات"، فيما خلفت هذه العمليات قرابة 766 جريحاً.

وتزامنا مع هذه العمليات الرامية لمكافحة الإرهاب، قادت تركيا خلال سنة 2017 عمليات وطنية أخرى، وتحديداً في مياهها الإقليمية، على غرار عملية "درع البحر المتوسط"، التي تهدف إلى حماية حوض محطة "جيهان" النفطية. بالإضافة إلى عملية "هارموني" في البحر الأسود، وهي مبادرة أمنية تركية بمشاركة متفاوتة من قبل روسيا وأوكرانيا ورومانيا. وقد اختتمت هذه العمليات بإنجاز مهمات بحرية في بحر إيجة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!