ترك برس

رأى الصحفي والخبير المتخصص في الشأن التركي، دافيد بارشارد، أن تبني تركيا تكتيكات وأساليب خشنة في تعاملها مع الولايات المتحدة وألمانيا مكنها من تحقيق أهدافها، على النقيض من عقود كانت فيها تركيا لا تمتلك القدرة على المساومة.

وكتب بارشارد مقالا في موقع ميدل إيست آي البريطاني، تعليقا على التطورات الأخيرة التي أعقبت زيارة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم لبرلين، وزيارة وزير الخارجية الأمريكي، تيلرسون لأنقرة، ونتائج الزيارتين بالنسبة إلى تركيا.

وقال ببارشارد إن من غير المألوف في الشؤون الدولية أن يحقق بلد إنجازين رئيسيين في يوم واحد. ولكن إذا استمرت الأمور على ما يرام، فإن ذلك سيكون هو الإنجاز الذي حققته أنقرة في الخامس عشر من الشهر الحالي لتهدئة علاقاتها المضطربة مع كل من ألمانيا والولايات المتحدة، وهما حليفتاها الغربيتان الرئيسيتان.

هل تبدد التوتر؟

وأشار بارشارد إلى اتفاق رئيس الوزراء التركي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقائهما في برلين على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، ولتأكيد ذلك، أعلنت تركيا في اليوم التالي الإفراج عن دينيز يوسل، المراسل التركي لصحيفة "دي فيلت" الألمانية اليومية، الذي كانت تحتجزه أنقرة بتهمة التجسس منذ العام الماضي وترحيله.

وأضاف أن ذلك يعني أن العاصفة المتنامية في ألمانيا بشأن احتجاز الصحفي قد انتهت. وكانت المحادثات بين يلدريم وميركل تتويجا لسلسلة من الاجتماعات السرية رفيعة المستوى بين الحكومتين التي أنتجت نوعا من التفاهم بالرغم من التحذيرات التي وجهتها الحكومة التركية في وقت سابق بأن القضاء التركي خارج السياسة.

وبعد ساعات قليلة من قمة برلين، اتخذت علاقات تركيا مع الولايات المتحدة منحى تصاعديا غير متوقع خلال اجتماع استمر ثلاث ساعات ونصف الساعة في العاصمة التركية أنقرة بين الرئيس رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون.

ولفت بارشارد إلى أن الوزير الأمريكي ذهب للقاء الرئيس التركي دون مساعدين أو مترجمين من وزارة الخارجية، وقام بالترجمة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في تخط للممارسات الدبلوماسية العادية.

وتعليقا على هذه الخطوة، قال المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنها "خطوة مغامرة إلى أبعد حد" لأن الولايات المتحدة لا تملك أي وسيلة للاعتراض على أي خلاف قد يحدث في المستقبل، حول الوعود التي قطعتها.

خرج أردوغان وتيلرسون من الاجتماع وقد تبدد التوتر، حيث أكدا مجددا على ضرورة التعاون بين البلدين، ووعدا بإنشاء آليات لتوسيع الحوار بينهما.

قائمة طويلة

ووفقا بارشارد فما يزال من الصعب أن نرى هيكل صفقة دائمة في سوريا تكون مرضية لكل من تركيا والولايات المتحدة، والأرجح هو احتمال أن تقنع الولايات المتحدة حلفائها الأكراد السوريين على نحو ما بالانسحاب إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات.

ويبقى السؤال هل يوافق الأكراد على ذلك؟على القيام بذلك؟ وحتى لو وافقوا فهل ستكون هذه البادرة كافية لتركيا التي تعد الجيوب الكردية السورية المستقلة غير مقبولة وتهديدا وجوديا لمستقبلها وسلامتها الإقليمية؟

وينوه المحلل الأمريكي إلى أن هناك قضايا أخرى ما تزال محل خلاف بين تركيا والولايات المتحدة ويجب حلها قبل تطبيع العلاقات، وعلى رأسها مصير الموظفين الأتراك في السفارة الأمريكية الذين يحاكمون في تركيا، والقس الأمريكي المحتجز، والأهم مستقبل فتح الله غولن، المتهم بتدبير محاولة الانقلاب الساقط في تركيا عام 2016 وترفض واشنطن تسليمه لتركيا.

وإلى أن يتم إطلاق سراح بعض السجناء الأمريكيين في تركيا على الأقل، من الصعب تصور الانتعاش الكامل في العلاقات الثنائية.

تكتيكات خشنة

وأكد بارشارد أنه من الصعب تصور أن تتصرف تركيا بطريقة مختلفة عما فعلت في تعاملها مع واشنطن وبرلين، نظرا لمصالحها التجارية والاستراتيجية، لكن رد الفعل المرن من جانب القوتين الغربيتين يشير إلى أن تكتيكات تركيا الخشنة الحالية سوف تمكنها عموما من تحقيق أهدافها.

وأضاف أن ضغط أنقرة على الولايات المتحدة ما يزال  قائما، وإذا أراد تيلرسون إحياء العلاقات، فسيتوجب عليه تقديم المزيد من التنازلات لتركيا.

وتابع بالقول إن الولايات المتحدة تريد أن تبقى تركيا داخل إطار حلف شمال الأطلسي ولا تنجرف الى شراكة بديلة مع روسيا. ومن المحتمل أن تبعد ألمانيا الانتقادات الموجهة إلى تركيا في الاتحاد الأوروبي، كما ستساعد على ضمان حصول تركيا على صفقة تجارية محسنة مع الاتحاد الأوروبي في قمة تركيا والاتحاد المقرر عقدها في نهاية مارس.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!