ترك برس

اعتبر الباحث الأمريكي أندريه كوريبكو أن هناك تطابقا بين موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظام الأسد من عملية غصن الزيتون التي يشنها الجيش التركي في منطقة عفرين في شمال سوريا، مشيرا إلى أن هذا التقارب ضد حملة تركيا على الإرهاب هو مصادفة ولا يعني مؤامرة.

وقال كوريبكو في مقال تحليلي نشرته دورية أورينتال ريفيو، إن موقف النظام السوري من مسألة وجود قوات أجنبية على أراضيه معروف جيدا، ولكن الموقف الأمريكي قد يفاجئ البعض؛ لأن الرواية المنتشرة إعلاميا هي أن الولايات المتحدة وتركيا ما تزالان على "الجانب نفسه" على الرغم من فشل محاولة الانقلاب الموالية للولايات المتحدة ضد الرئيس أردوغان في صيف عام 2016.

وأشار إلى أن جميع التكهنات بشأن التعاون الأمريكي التركي في عفرين قد تبخرت عندما رد المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أقصوي بشدة على نظيرته الأمريكية، هيدز ناورت، التي دعت تركيا إلى قراءة قرار مجلس الأمن، بأن الموقف الأمريكي لا يستند إلى أساس ودلالة على أن ناروت لم تفهم كيفية تطبيق القرار أو أنها تحاول تحريفه.

وأضاف كوريبكو أن السبب في معارضة واشنطن لعملية غصن الزيتون هو أنها تخشى أن تمنع  العملية الأكراد من التلاعب بدمشق، والحصول ذات يوم على دعم حكومي سوري لهجوم على ولاية هطاي التركية، وإشعال حرب تركية سورية تقليدية يمكن أن تسمح للأكراد المدعومين أمريكيا بتوسيع دولتهم والوصول إلى ساحل البحر المتوسط.

ورأى الكاتب أن "النظام السوري قد ارتكب خطأ فادحا بحماية الميليشيات الكردية الأمريصهيونية التي تعدها تركيا جماعات إرهابية؛ لأن الحكومة هي الآن مسؤولة عن ضمان الأمن في هذه المنطقة، وهذا يعني أن وحدات حماية الشعب يمكن أن تشن هجمات إرهابية على تركيا من هذه"المنطقة الآمنة"، مما يدفع أنقرة لضرب هذه الميليشيات الأمر الذي قد يؤدي ذلك إلى حرب بين البلدين."

وأضاف أن دمشق لا تستطيع أن تتحمل، على الأقل في هذه المرحلة، وحسب الطريقة التي تنظر بها قيادتها في الوقت الراهن إلى الوضع، "التعاون بشكل مباشر أو غير مباشر مع الأكراد "الفيدراليين" الأمريصهوينيين؛ لأن ذلك يمكن أن يثير حربا أهلية كردية عربية، ويقوض شرعية نظام الأسد أكثر وأكثر."

ووفقا للمحلل الأمريكي، فإن إعادة المواءمة الغريبة بين الولايات المتحدة وسوريا من جهة وتركيا وروسيا من جهة أخرى فيما يتعلق بأكراد عفرين أمر مثير للاهتمام؛ لأنه يثبت أنه من الممكن لبلدين أن يتوافقا ضمنا على موضوع مشترك حتى يبدو أنهما في نفس الجانب مع العدو.

وأوضح أن "تركيا ترغب في سحق الميليشيات الكردية الانفصالية، وأعطت روسيا الضوء الأخضر لعملية غصن الزيتون بسحب وحداتها العسكرية من عفرين استعدادا لهذه الحملة، لأن من الأهمية بمكان  بالنسبة لموسكو أن تحتفظ بعلاقات ممتازة مع شريكتها الكبرى القوية في أنقرة من إن تخاطر بشرق أوسط جديد متعدد الأقطاب من أجل الأكراد أو شركائها السوريين الذين يمكن إن تتحكم فيهم مهما حدث."

وفي هذا الصدد تحاول روسيا "تشجيع" سوريا طوال العام الماضي على تطبيق "اللامركزية" وأدخلت ذلك في المقترح الذي كتبته لمسودة الدستور الجديد، لأن موسكو تدرك إن اللامركزية هي الحل الوسط الذي يمكن إن يؤدي في نفس الوقت إلى الحل السياسي الذي طال انتظاره لإنهاء الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.

ولتحقيق هذه الغاية، وفي مواجهة معارضة النظام السوري للخطة الروسية، اتخذت موسكو الخطوة المحسوبة لسحب معظم قواتها العسكرية من سوريا من أجل إرسال رسالة إلى دمشق بأنها لن تدعم جهودها المتواصلة للوفاء بوعد الأسد بتحرير جميع الأراضي السورية.

وردا على ذلك، تحولت سوريا إلى إيران أكثر من أجل الحفاظ على ما تعتبره "استقلالها الاستراتيجي"، مما يفسر لماذا أصبحت دمشق وموسكو الآن على "جانبين متقابلين" فيما يتعلق بعفرين، والأكثر إثارة تطابق مصالح إيران مع أمريكا في هذه الحالة المحددة ، بينما تتوافق في الجانب المقابل وروسيا مع تركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!