ترك برس

في بلد يملك حدودا طويلة مع سوريا والعراق اللتين تعجان بالجماعات الإرهابية، ويقاتل منظمة إرهابية مثل حزب العمال الكردستاني تراكمت لديها خبرات طويلة، ورغم ذلك نجحت قوات الأمن التركية خلال أربعة عشر شهرا في منع وقوع أي عملية إرهابية في الداخل التركي.

قصة نجاح الأمن التركي سجلها تقرير مطول لموقع باز فيد نيوز الأمريكي، وبدأت في أعقاب الهجوم الإرهابي على ملهى رينا الليلي ليلة رأس السنة العام الماضي. في ذلك الوقت كانت الشرطة في مدينة إسطنبول تركز بالفعل على حي إسينيورت وهي منطقة اجتذبت مسلحين إسلاميين متشددين. وخلال عمليات البحث اندلع حريق في أحد منازل الحي تبعه انفجار آخر في منطقة أرناؤوط كوي القريبة، وعثرت في داخل المنزلين على مواد لصنع القنابل بما فى ذلك المواد الكيماوية والرخام والمسامير والكابلات وجهاز التحكم عن بعد.

كان السباق قد بدأ بين قوات الأمن والجماعات الإرهابية. ورصدت الشرطة خلال مراجعة اللقطات المسجلة عبر كاميرات المراقبة بالقرب من مكان الحريق شخصا يحمل أمتعة ثقيلة من أحد المساكن إلى سيارة ميني فان، وشكت الشرطة في أن محتويات الحقيبة ليست طبيعية.

تتبعت قوات الأمن مسار السيارة عبر كاميرات المراقبة حتى  وصلت إلى مبنى "فوروم إسطنبول" الذي يعد واحدا من أكبر مراكز التسوق في المدينة. وكانت أجهزة الأمن الغربية التي ترصد تركيا  قد حذرت من هجوم وشيك على مركز تجاري، كما أصدرت القنصلية الأمريكية تحذيرا إلى موظفيها بتجنب مراكز التسوق.

وخلال لحظات من وصول السيارة إلى المبنى التجاري هاجمتها شرطة مكافحة الإرهاب وألقت القبض على أربعة من ركابها أصيب أحدهم أثناء محاولته الفرار. وقال مسؤول أمني تركي إن السيارة كانت تحمل أكثر من 60 عبوة ناسفة من بينها عدة قنابل. وألقت الشرطة القبض على عشرات آخرين مرتبطين بمحاولة لتنظيم داعش شن سلسلة من التفجيرات في أماكن حيوية.

وكان هذا الانتصار أحد الانتصارات الرئيسية  لقوات مكافحة الإرهاب في تركيا في إطار حملتها لمنع وقوع هجمات إرهابية كبيرة على مدى الأشهر الـ 14 الماضية. وبلغ عدد المقبوض عليهم من العناصر المشتبه في انتمائهم إلى داعش في ديسمبر/ كانون الأول  317 شخصا.

ومن جانب آخر تمكنت قوات الجيش والشرطة التركية من تحجيم إرهابيي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرقي البلاد. ويقول آرون شتاين الخبير في الأمن التركي والشرق الأوسط في المجلس الأطلسي "إن حزب العمال الكردستاني ما زال قادرا على القيام بهجمات إرهابية، لكنني أعتقد أن قدرته على الحركة قد تقلصت بشكل كبير."

وقال شتاين عندما قررت قوات الأمن التركية إعطاء الأولوية لمحاربة داعش، تمكنت من محاصرة والقضاء على المسلحين الذين وقفوا وراء معظم الهجمات، وكان كثير منهم جزءا من خلية متجذرة في مدينة أديامان جنوب شرقي تركيا، مضيفا أن الأمن قتل أو اعتقل  معظم أعضاء خلية أديامان ويواصل عمليات المداهمة .

وعلى الحدود البرية مع سوريا بدأت جهود مكافحة الإرهاب تؤتي ثمارها بحيث أصبح من الصعب اختراقها. ولوقف المعابر غير القانونية، قامت تركيا ببناء جدار يبلغ طوله 911 كيلومترا على طول حدودها مع سوريا، كما تعتزم بناء جدار على حدودها مع إيران.

أما في المطارات الدولية التركية، فيقول المسؤولون الأتراك إن فرقا من المحللين تقوم بفحص كل مسافر يدخل البلاد وفحص سفرهم السابق وعمرهم وحتى كمية أو نوع الأمتعة التي يحملونها لتحديد ما إذا كانوا يستحقون فحصا ثانويا .

ومن أبرز الأمثلة التي قدمها مسؤول أمني تركي للموقع الأمريكي على الإجراءات الأمنية في المطارات التركية، محاولة شاب أمريكي يبلغ من العمر 20 عاما يدعى شون أندرو دنكان دخول تركيا برفقة سيدة في 27 فبراير/ شباط 2016 عبر مطار أتاتورك. ووجد الباحثون في المطار أن دنكان يحاول الوصول إلى سوريا للقتال هناك. ومنعت السلطات التركية دخوله هو ورفيقته ووضعته على القائمة السوداء وأخطرت السلطات الأمريكية. وفي أواخر ديسمبر من العام الماضي، اعتقلت السلطات الأمريكية دنكان بتهمة محاولة الانضمام إلى داعش.

ويقول خبراء القانون والأمن إن النهج التركي يعتمد بشكل كبير على المراقبة الإلكترونية، وخاصة كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة، نظرا لأن مقاتلي داعش يتجنبون بوجه عام استخدام الهواتف أو البريد الإلكتروني. وقد دفعت حادثة ملهى رينا وهروب المتهم في سيارة أجرة الشرطة التركية إلى البدء في تركيب كاميرات داخل جميع سيارات الأجرة في إسطنبول.

وقال المسؤول الأمني التركي: "لا أعتقد أن هناك أي خطأ فى وضع  الكاميرات، ما دامت لا تسبب إزعاجا، فهذا ما يريده الناس. في بادئ الأمر عندما ثبتت الكاميرات كان الناس يسألون لماذا. أما الآن فهم يطلبون تركيبها في شوارعهم".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!