حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

مع بدء عملية عفرين بدأت التوقعات حول الأسلوب الذي سيعتمده حزب الاتحاد الديمقراطي في المواجهة ضد القوات المسلحة التركية، وكانت التوقعات صحيحة لأن حرب المناطق المسكونة -حرب الشوارع- أصبحت المنفذ الوحيد للتنظيمات الإرهابية، وحزب الاتحاد الديمقراطي سيميل للمواجهة من خلال اللجوء إلى هذا الأسلوب في مركز مدينة عفرين، لم تصل القوات التركية إلى مركز عفرين بعد، لكن يمكن القول إن عناصر الحزب فقدوا كثيراً من طاقتهم أثناء المواجهات خارج مدينة عفرين.

كما كان من المتوقع أيضاً أن يلجأ عناصر الحزب إلى استخدام أسلوب الكر والفر تجاه القوات المسلحة التركية، لأن مجرد مبادرة الحزب باستخدام الأساليب التقليدية سيكون عملاً غير عقلاني على الإطلاق، لكن مع استمرار عملية عفرين ازدادت التفاصيل وضوحاً، حيث ظهر جليا أن حزب الاتحاد الديمقراطي لا يستطيع إدارة هذه الفترة بشكل عقلاني، إذ دفعه الارتباك إلى استخدام أساليب ومناطق ستسهل تقدم القوات المسلحة التركية.

وبغض النظر عن حرب الشوارع إن أردنا وصف الأسلوب الذي يعتمده الحزب يمكن القول إنه -الحزب- يعاني من ارتباك على الصعيد الاستراتيجي والتكتيكي واللوجستي، على سبيل المثال من المؤكد أن الحزب يريد السيطرة على بعض المناطق، ويسعى للدفاع عن عفرين وما حولها من مناطق أخرى، لذلك يشعر بصلة تجاه جميع المناطق معاً، إذ تمركز في جميع القرى والقمم وحفر الخنادق وأنشأ الملاجئ في جميع المناطق تقريبا، لكننا رأينا أن هذه المراكز قابلة للهدم من خلال القصف المدفعي والجوي في غضون ساعتين، وبذلك ظهر أن الإدارة الصادرة عن هذه المراكز لا تبدي أي تأثير في ساحة المعركة، في الواقع كان من المفترض أن يتردد عناصر الحزب في مواجهة القوات المسلحة التركية، لكن قد تكون بعض الدوافع المعنوية والتحريض السياسي أظهرت تأثيراً على عقيدة الحزب مما دفعه إلى التخطيط ضد القوات التركية، أو أن ذلك كان بتأثير كمية ونوع الدعم المقدم له، قد يكون الحزب قام بتنمية ثقته الذاتية بشكل مبالغ نتيجة حصوله على دعم لوجستي كبير من قبل أمريكا، كما أنه حصل على مساعدات من قبل المهندسين الغربيين والجنود الأمريكيين في مجال التدريب والأدوات التكنولوجية، وربما تم إنشاء هذه المراكز بالاستشارة مع الجنود المعتادين على الأساليب التقليدية في القتال، ومن المحتمل بشدة أنها أُنشئت على أيدي المهندسين الغربيين، لأنها تبدو مثل المراكز المنشأة بناء على نية الخوض في حرب تقليدية وليس بمجرد الاعتماد على مهارة تنظيم إرهابي، وبذلك يكون الحزب قد فقد أحد أهم الخاصيات التي يتوجب وجودها في تنظيم إرهابي.

استبعد الحزب أسلوب الكر والفر المعروف بمرونته في التحرك، لكن ذلك لا يعني أنه يمكن غض النظر عن هذه المسألة بشكل كامل لأن البعض من عناصر الحزب ما زالوا يلجؤون لأسلوب الكر والفر بدوافع اعتيادية.

يوجه الحزب هجماته من هذه المراكز وينسحب عند سقوطها، ربما يختار الحزب هذه المراكز لأنها تبدو محمية وذات قدرة على التحمل، لكن في الواقع لا تبدي هذه المواقع أي فائدة أمام الأسلحة الثقيلة التي تستخدمها القوات المسلحة التركية.

على العكس تماما إن أسلوب التمركز يتسبب في الحد من حركة عناصر الحزب، لأن طريقة نصب الفخ تكون هامة خلال جميع أنواع المعارك، وإن كان الفخ مرتبطاً بمركز ما فذلك يعني أن هذا الفخ قد فقد طاقته ومرونته، وإن مدى حماية المركز لا تعوض الخسائر الواقعة، حزب الاتحاد الديمقراطي في الواقع عبارة عن تنظيم إرهابي، لكنه يعتقد أنه أصبح دولةً، ولذلك يلجأ إلى أساليب قتال ستؤدي إلى خسارته، في حين يمكنه إخضاع أساليبه لتقييمات أكثر واقعية، وعندما يدرك الحزب هذه الأخطاء سيكون الوقت متأخراً بالنسبة إليه، وستكون القوات المسلحة التركية قد وصلت إلى أبواب مركز مدينة عفرين.

جاءت الأخبار الأخيرة مشيرةً إلى أن الحزب سيوجه قسماً كبيراً من قواته الموجودة في شرق الفرات إلى عفرين، وذلك يوضّح أن الحزب لم يستوعب الوضع بعد، ويعتقد أنه يستطيع تأسيس التوازن التقليدي من خلال زيادة عدد الإرهابيين في عفرين، لكن في الواقع ستزداد خسائر الحزب مع ازدياد العدد.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس