أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

كانت المعادلة القائمة حتى اليوم في شمال سوريا تستند إلى فكرة أن تركيا لا يمكنها تنفيذ عملية شاملة ضد حزب العمال الكردستاني في المنطقة المذكورة. 

وكان هناك قناعة سائدة بأن القيود الأمريكية الروسية على تركيا ستثبت المعادلة في شمال سوريا، وأن تركيا لا تملك مجالًا للمناورة.

فروسيا لا تنوي فتح المجال الجوي أمام تركيا في عفرين، في حين أن الولايات المتحدة لن تسمح بالمساس بمنبج وشرق الفرات. 

وفي أسوأ الاحتمالات يمكن للحزب الاتفاق مع النظام السوري، وترك بعض المناطق له، وبذلك يحول دون تنفيذ تركيا عملية ضده.

كان بإمكان الحزب، وهو "التنظيم الأكثر فعالية في الميدان"، صد أي عملية تنفذها تركيا في ظل هذه الظروف.

جرت كل الحسابات وفق ديناميات الولايات المتحدة وروسيا والنظام السوري (إيران) وحزب العمال الكردستاني. أما تركيا، التي تراجعت قوتها الرادعة كثيرًا في سوريا إلى حين تنفيذها عملية درع الفرات، فكان هناك إصرار على تجاهل ديناميتها. 

غيرت عملية غصن الزيتون من سير الجدل بخصوص شمال سوريا والمعادلة القائمة في المنطقة. ولوحظ أن الفرضيات المتعلقة بديناميات  الولايات المتحدة وروسيا والنظام السوري (إيران) وحزب العمال الكردستاني بدأت تنهار الواحدة تلو الأخرى. 

سحبت روسيا قواتها من عفرين لتؤكد أن الوضع الراهن في سوريا يقتضي عدم الوقوف في مواجهة تركيا. 

 واتضح أن النظام السوري، الذي يجد صعوبة في الوقوف على قدميه، ليس بوسعه إنقاذ حزب العمال الكردستاني. كما لوحظ أن إنزال إيران الميليشيات إلى الساحة زاد من الدافع لدى القوات المناهضة لحزب العمال.

الأهم في الأمر، هو تداعيات عملية غصن الزيتون على الحسابات الأمريكية. فالأحداث التي وقعت خلال خمسين يومًا (منذ انطلاق العملية) قلبت حسابات واشنطن في شمال سوريا رأسًا على عقب. 

اتضح أنه لا أمل أبدًا لحزب العمال الكردستاني في الوقوف بوجه تركيا. بل إن الجيش السوري الحر المدعوم من أنقرة حقق تفوقًا مطلقًا على الحزب حتى اليوم.

وتبين أن الدول  وليس التنظيمات هي التي ستحدد مستقبل سوريا. وتلاشت في ناحية بلبل الادعاءات بأن حزب العمال الكردستاني شيء ووحدات حماية الشعب شيء آخر. 

والأهم أن الجميع رأى صعوبة تحقيق معادلة في شمال سوريا من دون تهدئة مخاوف تركيا الأمنية. 

وإذا كانت أنقرة وواشنطن أسستا آلية مشتركة، وأجريتا مباحثات إيجابية حول منبج فالفضل في ذلك يعود إلى القدرة والحزم اللذين ظهرا في عملية غصن الزيتون

نسيت الولايات المتحدة عفرين، وما تخشاه هو القدرة والحزم اللذين ستبديهما تركيا من أجل تحقيق أجندتها في منبج وما وراءها، بعد إنهاء عملية غصن الزيتون. 

وبعبارة أخرى فإن الدينامية التركية، على عكس مزاعم قادة القوات المركزية الأمريكية، ستكون الدينامية الأولى والأكثر فعالية، التي يتوجب على الولايات المتحدة أخذها بعين الاعتبار.  

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس