ترك برس

تناولت صحيفة تركية قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون، وترشيح المتطرف مايك بومبيو، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، لهذا المنصب، قبل أيام من لقاء هام ومجدول بين تيلرسون ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو.

وجاء قرار ترامب بعد أيام قليلة من إعلان جاويش أوغلو، عن اتفاق بين تركيا والولايات المتحدة حول مصير مدينة "منبج" ومناطق شرقي نهر الفرات شمال سوريا، والتي تُسيطر عليها ميليشيات "وحدات حماية الشعب" (YPG)، الذراع السوري لـ"حزب العمال الكردستاني" (PKK).

صحيفة "ديلي صباح" التركي، نقلت عن الخبير بالشأن التركي سعيد الحاج، قوله إن إقالة تيلرسون وترشيح بومبيو خلفاً له، ليس خبراً جيداً لتركيا، فهي تحمل مخاطر هدم الاتفاقات والتفاهمات الأولية التي استطاعت بلورتها مع الولايات المتحدة بعد سلسلة من التوترات حول منبج ومجمل القضية السورية.

وأكّد الحاج أن تيلرسون كان يمثل حالة توازن نسبية في الإدارة الامريكية في مواجهة ترامب والـ"سي آي إيه"، وبومبيو يعتبر من الصقور ووجهة نظره في تركيا غير إيجابية.

وأضاف: "لكن لا أعتقد أن ذلك سيؤثر في العلاقات الثنائية البينية والملف السوري بشكل جذري، نعم.. التفاهمات حول منبج قد تتأجل نوعاً ما، فقد أعلن عن تأجيل اللقاء الذي كان مقرراً في 19 مارس/ آذار".

وتوقع الحاج إمكانية توصل الطرفين رغم ذلك إلى اتفاق يخرج بموجبه إرهابيو ي ب ك من منبج، قائلاً: "رغم المماطلة والتأجيل، قوات سوريا الديمقراطية (المظلة التي يستخدمها تنظيم ي ب ك لأنشطته الإرهابية) ستُخرج من منبج، ويبقى أن التفاوض والتفاهم التركي الأمريكي سيحدد كيفية إدارة منبج بعد ذلك".

وبناء على ذلك، لا يرى الحاج في إقالة تيلرسون وتعيين بومبيو بشكل عام ما يمكن أن يقلق تركيا في سوريا، وحتى فيما يتعلق بشرق الفرات.

ويقول الخبير في الشأن التركي: "لم تكن لتكون هناك مواجهة عسكرية مباشرة بين الطرفين، بل كان سيكون هناك صراع دبلوماسي سياسي على المدى البعيد، وبالتالي لا يوجد ما يمكن أن يقلق تركيا في مجمل الملف السوري".

ويستدرك بالقول: "ما يمكن أن يقلق تركيا هو الملفات ذات الاهتمام المشترك التي قد يتبدل فيها الموقف الأمريكي، مثل إيران والاتفاق النووي والأزمة الخليجية وحصار قطر والقضية الفلسطينية ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس".

وحول خياراتها في التعامل مع المعطيات الجديدة، أكد الحاج أن "تركيا تتبع سياسة تقليع الشوك بنفسها، وتعتمد على نفسها وتحاول اللعب على المساحات الرمادية ومساحات الخلاف الأمريكية الروسية، ولا أعتقد أن لديها خيارات أخرى سوى ذلك".

من جهته، اعتبر الباحث في الشؤون التركية باسل الحاج جاسم، أن اللقاء بين مولود جاويش أوغلو ونظيره الأمريكي المقال تيلرسون الذي كان مقرراً في 19 من الشهر الجاري كان من المنتظر أن يضع النقاط على الحروف في تباينات البلدين في كثير من الملفات لا سيما شمال سوريا.

وأضاف الحاج جاسم "من الواضح أنه بعد إقالة تيلرسون ستبدأ المحادثات حول هذه الموضوع من الصفر".

ويقول الحاج جاسم إنه "يصعب الاعتقاد بإمكانية حدوث أي اتفاق يخرج بموجبه الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني من منبج، فواشنطن منذ طرد داعش أكدت أنه تم انسحاب هؤلاء المسلحين من البلدة، لكن تركيا وعموم السوريين يعرفون عدم صحة معلومات واشنطن وهي تستمر في تضليل حليفتها تركيا منذ بدء عملية منبج".

واستبعد الباحث حصول صفقة بين أنقرة وواشنطن في سوريا بوجه عام، قائلاً: "من الصعب توقع صفقة دائمة في سوريا تكون مرضية لكل من تركيا والولايات المتحدة، لكن العلاقة ستأخذ المزيد من المد والجزر في هذا الملف تحديداً، إلا أنها لن تصل لحد القطيعة، فواشنطن لا يمكنها الاستغناء عن دور تركيا في المنطقة إذا كانت جادة فعلاً في مواجهة إيران".

وحول الخيارات التركية بشأن منبج في ظل استبعاد التوصل لصفقة، اعتبر الحاج جاسم أنه "لا خيار أمام أنقرة لإعادة منبج إلى أهلها العرب سوى خيار عفرين وعبر عملية عسكرية".

واستطرد بالقول: "تقع منبج في قلب المنطقة التي يريد بعض أكراد سوريا إقامة حكم ذاتي فيها مبدئياً، وهذا ما يفسر الإصرار التركي على استعادتها لأهلها العرب".

وخلص الباحث في الشؤون التركية إلى أن "منبج تضع أنقرة اليوم أمام امتحاني الإرادة والعلاقة بواشنطن".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!