حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

تمكنت القوات المسلحة التركية من إنهاء عملية غصن الزيتون ورفع العلم التركي في سماء عفرين في غضون 58 يوماً، وبذلك حققت نجاحاً بارزاً في نطاق الصراع التركي ضد الإرهاب.

تم التخطيط لعملية غصن الزيتون على الأصعدة السياسية والدبلوماسية والعسكرية، وتم تنفيذها بشكل دقيق على أيدي الجيش التركي، اتخذت الحكومة التركية جميع المخاطر بعين الاعتبار وحددت الهدف وأعلنت أنها ستبدأ بالقضاء على الإرهاب الموجود في جميع المناطق الجاورة للحدود التركية، تبنى المجتمع التركي بدوره هذا الصراع، واستمرت المباحثات الدبلوماسية إلى اليوم الأخير من العملية، تم إجراء المقابلات مع روسيا ودفع أمريكا للبقاء خارج إطار الأحداث وبالتالي ترك حزب الاتحاد الديمقراطي وحيداً دون أي دعم، بعدها تم إنهاء التخطيط العسكري، وتوضّح اليوم أن المخططات المجهزة مسبقاً كانت ناجحة جداً.

 في البداية دفعت القوات المسلحة التركية الإرهابيين إلى المناطق الحدودية، ثم دفعتهم لاستهلاك طاقتهم في عدة نقاط متفرقة، إذ وصلت طاقة الإرهابيين إلى درجةٍ لا تسمح لهم بحماية مناطق روجا وجنديرس، وبذلك دخل التنظيم في مرحلة الانهيار والهروب نحو مركز مدينة عفرين، ومن الواضح أن ذلك لم يكن انسحاباً تكتيكياً، إنما كانت محاولة هروب ولجوء بقصد الاحتماء في المناطق المسكونة من قبل المدنيين، إذ كانوا يتوقعون أنهم سيقاومون في مركز المدينة وبالتالي ستعلق تركيا في هذا المستنقع الكبير، لكن لم تجر الأمور كما خطط لها التنظيم، وانهارت قلاع الإرهابيين في غضون ساعات.

من الطبيعي أن تصدر مثل هذه الأفكار عن بي كي كي، لكن الغريب في الأمر هو أن عبارات مشابهة لتلك قد صدرت عن المعارضة السياسية في الداخل التركي أيضاً، إذ طالب زعيم المعارضة السياسية بتوقف القوات التركية وعدم دخولها إلى مركز عفرين.

هل يشير ذلك إلى تصديق زعيم المعارضة لبي كي كي؟ أم كان يتوقّع أنه سيقول: "لقد أخبرتكم بأنه يجب عليكم عدم الدخول إلى مركز عفرين؟" في حال كانت خسائر الجيش التركي كبيرة في عفرين؟

حاول البعض مدح بي كي كي من أجل دفع تركيا للخوف والقلق، بالتأكيد هذه حرب وكل شيء فيها وارد ومحتمل، وبطبيعة الأمر كان يمكن للعملية أن تستغرق سبعة أو ثمانية أشهر، و لو كان الأمر كذلك لكانت العملية ناجحة أيضاً لأن هذا هو ما تم التخطيط له منذ البداية، لكن رأينا أن بي كي كي لم يستطع المقاومة مثل داعش.

أصبحت جميع الاستثمارات الأمريكية هباء منثوراً، إذ لم يتمكن التنظيم حتى من حماية الأسلحة التي أرسلتها له أمريكا، وانهار عناصر بي كي كي المدربين من قبل الضباط الأمريكيين أمام عناصر الجيش السوري الحر المدربين على أيدي القوات المسلحة التركية.

في الواقع ظهرت العديد من الإشاعات والحملات الدعائية التي تهين الجيش السوري الحر، بينما سار عناصر الجيش السوري الحر في المقدمة وقدموا العديد من الخسائر وحاربوا إلى جانب القوات المسلحة التركية في سبيل أمن ومصالح الدولة التركية، والآن نتسائل عن ما سيقوله من كان يزعم أنه يجب على الحكومة التركية التقارب مع بشار الأسد والابتعاد عن الجيش السوري الحر؟ هل سيقدم أي اعتذار؟ بالطبع نحن لا نتوقع ذلك، ولا نريد أي اعتذار لأن الشعب التركي يدرك حقائق الأمور جيداً، وصب تركيزه بأكمله على الهدف المحدد، وأخذ صراعاً قد يستمر لعشرات السنين ضد الإرهاب بعين الاعتبار.

حاولت العديد من الجهات السيطرة على تركيا من خلال توريطها بالإرهاب، لكن استطاعت تركيا مواجهة ذلك، ومع زيادة قوتها أصبحت قادرة على التحرك بشكل مستقل، ومع زيادة استقلالها بدأت القوى الإمبريالية بدفع تركيا للدخول في حروب جديدة، والآن يزداد استقلال تركيا مع كل نجاح تحققه في هذه الحروب، وبدأت بمهاجمة مصدر الإرهاب الذي يهدد الأمن القومي للدولة التركية، وهذه هي الضرورة التي تتوجب على تركيا لتكون قوةً عالميةً عظمى، وأعتقد أن الدولة التركية قد أخذت ذلك بعين الاعتبار

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس