ياسر عبد الرحيم - خاص ترك برس

الإنتهاكات والجرائم الممنهجة من قتل و تدمير التي قام بها تنظيم ب ي د الإرهابي في سورية ليست بحاجة إلى تذكير أو تأكيد في كل مرة، فقد وثقت العديد من التقارير الأممية والمنظمات الحقوقية والمحلية الإنتهاكات ضد الإنسانية التي ترقى إلى جرائم حرب والموثقة بالأدلة والمتمثلة بالمجازر التي ارتكبها التنظيم في العديد من المناطق كالتطهير العرقي والتهجير القسري في المناطق التي خضعت لسيطرتهم  ضد العرب والأكراد والتركمان والأيزيديين بالإضافة إلى فرض الأتاوات المالية على المدنيين، فضلاً عن عمليات الإعتقال التعسفي بحق السياسيين الأكراد في ذات المناطق والتجنيد الإجباري للأطفال والفتيات على وجه التحديد ،

و هنا يطرح السؤال المنطقي لماذا تقوم  دول التحالف الدولي بدعم التنظيم الإرهابي عسكرياً ؟ وتعتمد عليه في العديد من المعارك كشريك ميداني رغم فشله في العديد من الاستحقاقات بكل المقاييس العسكرية ! الجواب كما ترسمه الحقائق هو أن دول التحالف الدولي تعتبر  :"أن كل إسلامي سني هو إرهابي"، مهما كانت مستوى التطمينات التي يقدمها وإيمانه بالديمقراطية والدولة المدنية و حرية الأديان، "و "كل كردي هو علماني "،مهما كان متديناً أو متطرفاً أو ارتكب من جرائم  أو يتبنى فكراً يسارياً متطرفاً، وبالتالي يتغنون أن لديهم شركاء حقيقين على الأرض رغم أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً بأول استحقاق عسكري فعلي خاضوه منفردين في سورية،

جميع الفصائل العسكرية في سورية  تعلم حقائق عمل قوات ب ي د  و خوضها لحروب شكلية في المعارك التي خاضتها ضد تنظيم داعش الإرهابي في الرقة و مدينة عين العرب ، فقد كانت قوات التحالف تحرق الأرض فوق رؤوس المدنيين نتيجة الإحداثيات الخاطئة المقدمة من التنظيم الإرهابي بهدف تهجير المدنيين وتسهيل عمليات التغيير الديمغرافي في المناطق لتطبيق الحلم الإنفصالي المزعوم،  ومن ثم يأتي دور قوات ب ي د الإرهابية بتمشيط المناطق التي قصفتها قوات التحالف ، وهكذا استمرت المعارك حتى دخلوا محافظة الرقة و مدينة عين العرب ووصلوا لمحيط محافظة دير الزور ،وبعدها يدفعون  بالتنظيم الإنفصالي لصدارة الموقف معلنين نجاحهم  في هذه المناطق بعد أن حولوا هذه المدن إلى كتلة كبيرة من النار و الدمار، ظانين أننا لا نعلم حقيقة الإتفاق الذي حصل بين تنظيم داعش وتنظيم ب ي د والذي يقضي إلى خروج تنظيم داعش من مدينة الرقة بإتجاه دير الزور مقابل دخول آمن لقوات ب ي د إلى المدينة وإعلان السيطرة عليها فبعد تدمير المدينة وأشكال الحياة فيها قررت قوات التحالف وشريكها الإنفصالي إخراج تنظيم داعش لمدينة أخرى بهدف تدميرها ويستمر السيناريو المرسوم مسبقاً.      

أما الإستحقاق الحقيقي الأول الذي خاضه التنظيم الإرهابي هو في معركة "غصن الزيتون" بمواجهة قوات الجيش السوري الحر مدعوماً من تركيا ، فعلى مدار 60 يوماً من الحملة العسكرية فشل التنظيم الإرهابي بكل المعارك التي خاضها رغم إمتلاكه السلاح النوعي، وحاول اللجوء وإستعطاف الجيش الأمريكي لمساعدته وفشل في ذلك ، من ثم حاول العودة إلى شريكه الأول وراعيه "نظام الأسد" لعقد تفاهمات جديدة معه مراهناً أن تركيا لن تخوض حرباً ضد النظام بسبب حليفه الروسي ولكنه فشل في ذلك أيضاً ، متيقناً أن نفوذه في المنطقة إلى زوال .

وإن عدنا  إلى أحداث الرقة  و الحرب المزعومة التي  نفذتها دول  التحالف الدولي مع شركيه ب ي د في شهر آب من العام الماضي 2017 ، فمن يشاهد كمية الدمار التي حصلت نتيجة حرب التحرير من تنظيم داعش الذي تحدثت عنها القوى العظمى سيشعر بهول الكارثة "فالمدينة المحررة لم تعد مدينة !! " ، فقد تحولت إلى صخور وركام ترتفع بأعلاها صورة قائدهم الإرهابي عبد الله أوجلان  قاطعين جميع الآمال بعودة السكان إلى ديارهم بسبب تدمير جميع أشكال الحياة  وقوامها ، فتحولت المدينة من سيطرت تنظيم داعش الإرهابي إلى مدينة مهجورة كلياً  غير مأهولة بالسكان  وتحول سكان مدينة الرقة إلى نازحين في المدن المجاورة ، وإلى اليوم بعد مرور أكثر من 5 أشهر على تحرير المدنية لم يعد إلى مدينة  الرقة أهلها من المقيمين في تركيا أو ريف حلب الغربي والجنوبي  وإدلب.  وذلك لسببين أحدهم أن دول التحالف استبدلت إرهاب داعش بإرهاب جديد من نوع آخر  ولكنه يستهوي المزاج العام لدى الدول الغربية  لتطالب المعارضة السورية بكل صراحة أو وقاحة أن تتعايش مع الإرهاب الجديد والعمل على الحوار معه فقط لأنه ينادي بالعلمانية المزعومة بغض النظر عن كل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها ووثقتها جميع المنظمات الدولية كهيومان رايتش ووتش ومنظمة العفو الدولية و الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

أما تحرير عفرين وعملية "غصن الزيتون" التي استمرت  60 يوماً رغم إمكانيات قواتنا على تحريرها خلال عشرة أيام لبسالة مقاتلين الجيش الحر وإيمانهم وعقيدتهم بالنصر ويقيننا بضعف العقيدة الدفاعية لدى التنظيم الإنفصالي فهم مرتزقة لا يستطيعون إلا أن يكونو بهذه الخانة  رغم كل إمكانيات الدعم المقدمة من  دول التحالف وأطنان الأسلحة الإيرانية المكتشفة والتي تعتبر سطر جديد في دعم إيران للإرهاب في سورية و التي تم إكتشافها  بعد مغادرتهم مدينة عفرين، كما أنهم حاولوا إستخدام المدنيين كدروع بشرية في بعض المناطق منعاً لتقدم قواتنا وإيقاف عمليات القصف التي ينفذها سلاح الجو التركي.  وها هي جميع قيادات التنظيم  التي هربت منذ اليوم الأول للعملية العسكرية وصلت مع ملايين الدولارات إلى جبال قنديل تاركين خلفهم أطنان من الأسلحة و المقاتلين السذج أغلبهم من الأطفال المجندين قسرياً.

وقد كان قراراً رسمياً  داخل غرفة العمليات المشتركة مع الجيش التركي أن نتمهل في عملية التحرير ، والعمل بشكل نوعي  ومهني ولكن ببطء  بهدف حماية المدنيين كشرط أساسي بكل خطوة نخطوها ، وأن تكون أهدافنا محددة ومركزة على مقرات التنظيم الإرهابي ومراكز دفاعه وهذا ما تحقق.

 فقد كانت المسؤولية كبيرة فنحن لسنا دعاة قتل وتدمير ولم نأتي لعفرين والقرى المحيطة بهدف نشر الخوف والرعب وإنما جئنا بهدف رد المدينة إلى أهلها وطرد الإرهاب منها، كما أننا  أرسلنا الكثير من الرسائل لطمأنة أهلنا في عفرين.  فمنهم من صدق رواية ب ي د بأننا سنأتي إليهم قاتلون وقرر الرحيل.  ومنهم من بقي في المدينة آمناً سالماً ، فكل من دخل بيته فهو آمن، وشهدت مؤخراً المدينة عودة معظم النازحين من أهل عفرين والقرى المجاورة  إلى بيوتهم فور تحرر المدينة من الإرهاب  فهذه أرضهم بعد أن ذاقوا الظلم مرتين في عهد الأسد و تنظيم ب ي د الارهابي، وقريباً سنشهد تشكيل المجلس المحلي المنتخب وإدارة المنطقة من قبل سكانها الأصليين بعد طول إنتظار ضمن مشروع سورية الحرية الدولة الواحدة الموحدة لجميع أبنائها دون إستثناء.

 لن يستطيع أحد بعد كل هذه البطولات التي قامت بها قوات الجيش السوري الحر والجيش التركي من تشويه فرحة النصر والتحرير من قبل تجار الحرب فنحن لسنا سارقين أو قتلة وفي كل حرب هناك القائد والشريف البطل والشهيد، وهناك من يريد أن يضع نفسه بخانة الخائن  المستفيد.

ولا أحد يستطيع  أن يزاود على قواتنا فقد حررنا المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش والآن ب ي د بشرف و ضمير وكل ما فعلناه كان نصرةً لأهلنا وثورتنا وأخلاقنا.  فهذا هو الفرق الواضح ما بين من يجاهد ويحرر  ومن يبذل المستحيل لنشر الإرهاب و يدمر.  

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس