ترك برس

خلص تقرير تحليلي في موقع "تلفزيون سوريا" إلى أن الكُرد السوريين يقفون اليوم على مفترق طرق، وتتوجه أنظارهم جميعاً إلى منطقة عفرين التي حررتها القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر من عصابات "وحدات حماية الشعب" (YPG)، ذراع تنظيم "حزب العمال الكردستاني" (PKK).

ورأى كاتب التقرير "حسين جلبي"، أن العملية العسكرية التركية (غصن الزيتون) في عفرين لم تطرح مصير "PKK" في المنطقة على بساط البحث فحسب، بل طرحت أسئلة عميقة عن الوجود الكُردي نفسه فيها.

والحقيقة - وفقًا لتقرير - هي أن "PKK"، من خلال نشأته المشوهة، وبما له من ارتباطات متناقضة تجعله في حرب مستمرة على مختلف الجبهات؛ هو التهديد الأول للوجود الكُردي في سوريا.

خاصةً أن التنظيم لم يُخفِ يوماً ـ فعلاً وكذلك قولاً ـ اعتبار كُرد سوريا وقوداً لأجندتِه العابرة للحدود، التي تعتبر أساساً جزءاً من أجندة النظام السوري، الذي يعادي الوجود الكُردي في سوريا ويسعى لإنهائه،

وإذا كان وجود "PKK" في منطقة عفرين يكاد أن يصبح من الماضي، فإن الخشية هي أن يصاب الوجود الكُردي بالتبعية في مقتل، وذلك بعد أن عمل الحزب طوال سبع سنوات على ربط كل شيء في المنطقة الكُردية السورية به، فاستولى على كل مصادر الطاقة البشرية والمادية فيها؛ وقام بتحييدِها أو بالتصرف فيها.

كما أصاب الحياة السياسية والعامة بالتصحر، عن طريق غربلة المجتمع وتصفية من لا يتفق معه؛ بعد تعامله مع الجميع وفق مبدأ "من ليس معي فهو ضدي"، الأمر الذي جعل لونه هو الوحيد السائد.

من جهة أُخرى فقد أدت عمليات التجنيد الواسعة التي قام بها في صفوف الكُرد، بالإضافة إلى القمع الواسع الذي مارسه بحقهم؛ إلى هجرة مئات الآلاف إلى خارج البلاد، الأمر الذي حرم المجتمع الكُردي من وجود طاقات يمكن أن تشكل بديلاً للتنظيم، بحيث يمكنها أن تعيد يوماً تشكيل المشهد في حال غيابه؛ بما يتناسب مع مصالح أهل المنطقة وبقائهم.

لقد غيرت التطورات العسكرية الأخيرة في سوريا من قواعد اللعبة كثيراً، ونقلت الصراع إلى مستوى جديد لا مكان فيه للوكلاء، وكانت أهم التطورات في هذا الصدد هي إنهاء تنظيم داعش، ومحاولة تفتيت الوجود المسلح لفصائل المعارضة، مقابل تعويم نظام الأسد على حساب الجميع.

ومع قرب إنجاز كل ذلك أو معظمه؛ فإن "PKK" يكاد أن يفقد بدوره وظيفته، ويصبح عاطلاً عن العمل، ويجعل التوقعات تدور حول سيناريوهات إخراجه من المشهد، ولعل أحدها ـ حتى الآن ـ هو التدخل التركي المباشر.

يقف الكُرد اليوم على مفترق طرق، وتتوجه أنظارهم جميعاً إلى عفرين، فهي الأنموذج الذي يمكن القياس عليه، والذي سيحدد خياراتهم المقبلة؛ وربما مصيرهم في البلاد.

يستمع الكُرد إلى الوعود التي يطلقها المسؤولون الأتراك، حول تطبيع الأوضاع وتأمين الخدمات؛ والتي من شأن تنفيذها دفعهم إلى التمسك بمدينتهم؛ والنازحين منهم إلى العودة إليها.

لكنهم يتابعون من جهة أُخرى رحلة سقوط حزب العمال الكُردستاني، الذي أقصى الكُرد وهجَّر نصفهم، ويخشى أن يأخذ معه نصفهم الآخر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!