أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

ظهرت ديناميات جديدة في سوريا وما وراءها عقب عملية غصن الزيتون. ومع أنه لم تقع أحداث كبيرة حتى الساعة إلا أن اللاعبين الفاعلين على الساحة أخذوا يعيدون النظر في مواقعهم وحلفائهم وسياساتهم.

السبب الأهم في ذلك هو تزامن فرض تركيا إرادتها عبر عملية غصن الزيتون في سوريا، مع حدوث اضطرابات وتجاذبات إقليمية ودولية.

لنوضح قليلًا: غيرت تركيا الكثير من القواعد في سوريا عبر عمليتها في عفرين، وأقحمت عامل "الدولة" كلاعب رئيسي في سوريا. اعتادت الولايات المتحدة وروسيا على تنفيذ رغباتهما بالتعاون مع التنظيمات الإرهابية والميليشيات، لكن إمكانيات وقدرات تركيا كدولة فتحت أعين موسكو وواشنطن.

يمكنكم تنفيذ عمليات بالتعاون مع التنظيمات الإرهابية والميليشيات والحصول على نتائج على المدى القصير. لكن عامل "الدولة" يأتي بإمكانياته وقدراته ويقلب مخططاتكم رأسًا على عقب.

فإما أن تضطروا إلى الصدام مع هذه الدولة، وهذا أكبر خط أحمر بالنسبة لجميع الدول على الساحة السورية. لا أحد يريد الاشتباك مباشرة مع دولة أخرى. قتلت الولايات المتحدة مئات من عناصر مليشيات روسية، ولم تنبس موسكو ببنت شفة. وقصفت إسرائيل مرات عديدة دمشق، ولم يصدر عن النظام السوري رد باستثناء إسقاط المقاتلة الإسرائيلية مؤخرًا.

وإما أن تتقبلوا حقيقة وجود "الدولة". إذا كنتم تضعون خطة على المدى الطويل فينبغي عليكم أن تجذبوا إلى صفكم الدول الأخرى ذات الإمكانيات والقدرات. يمكنكم السيطرة على الرقة بدعم جوي وبري تقدمونه لحزب العمال الكردستاني، لكن لا يمكنكم أن تحكموا الرقة مع الحزب المذكور. يمكنكم السيطرة على مناطق المعارضة بواسطة الميلشيات الشيعية، لكن روسيا وإيران هما من تصنعان الفارق.

وإلى جانب هذه الحقائق، لنذكر الآن المستجدات الإقليمية والدولية: أصبح عزل إيران واحدة من أهم الأجندات بالنسبة للولايات المتحدة، والعنوان الأول لذلك هو سوريا.

العراق ليس لقمة سائغة، واليمن طريق مسدود، وفي لبنان لم تسر الأمور على ما يُرام. المكان الأنسب الآن لعزل طهران هو الساحة السورية، التي تحولت إلى مركز نفوذ إيراني.

على الجانب الآخر، هناك حالة استقطاب شديدة بين روسيا والغرب. ارتفعت حدة الخطاب، وبدأ تبادل طرد الدبلوماسيين. و

كما أن هناك تباين في الرؤية بين روسيا وإيران حول سوريا، علاوة على خلافات في وجهات النظر بشأن إدلب وعفرين وحتى إطار مسار أستانة.

في ظل هذه التطورات، يرغب الجميع في التقرب من تركيا، التي عززت موقعها في المنطقة في وقت بدأت الاستقطابات والاشتباكات المجمدة (الولايات المتحدة- روسيا، روسيا- إيران، حزب العمال الكردستاني- النظام السوري) بالذوبان.

تمر كل طرق الاستراتيجيات المستدامة وطويلة الأمد عبر تركيا. وينبغي قراءة التحركات الدبلوماسية المكوكية لأنقرة خلال الآونة الأخيرة في هذا السياق.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس