ترك برس

اهتم المؤرخ اللبناني والمهندس المعماري خالد عمر التدمري، بجمع كل ما له صلة أو علاقة بالتاريخ العثماني في منطقة الشرق اﻷوسط عامة و لبنان خاصة.

حصل الدكتور التدمري (46 عامًا) على الدكتوراة في التخطيط من جامعة معمار سنان في إسطنبول، وهو بروفسور في معهد الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللبنانية.

والده هو المؤرخ اللبناني عمر التدمري الذي ورّثه حب مدينته طرابلس، ووالدته من مصر. وعندما غادر إلى تركيا في عام 1990، حمل معه همّ محافظته على تراث مدينته وترميمه، فكان مشروع تخرجه الجامعي عبارة عن تصميم لمتحف في مدينة طرابلس، وكان عنوان رسالته للماجستير "الحفاظ على النسيج المعماري التراثي لمدينة طرابلس".

في أثناء دراسته بإسطنبول وإقامته بها ﻷكثر من 14 عامًا، عمل التدمري على البحث المعمق و الاطلاع في اﻷرشيف العثماني، وحصل على إذن خاص من الدولة التركية للاطلاع على اﻷرشيف والاستفادة من مخطوطاته وتصوير القسم اﻷكبر الخاص بلبنان.

فقد تركت الدولة العثمانية زيادة على الوثائق، الكثير من الصور الفوتوغرافية التوثيقية، حيث تم اكتشاف هذه التقنية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني الذي اهتم بها وأعطى مكافآت وهبات للمتميزين والمتفوقين في هذا المجال والمطورين له.

كما أمر السلطان بتأسيس استديوهات فوتوغرافية في إسطنبول، انطلق منها الكثير من المصورين نحو العديد من مناطق الخلافة ليوثقوا ويصوروا المشاريع العمرانية والتحديثية للدولة.

وتوجد في أرشيف السلطان عبد الحميد الثاني، أكثر من 35 ألف صورة محفوظة في أكثر من 10 آلاف ألبوم في قصر يلدز، وتعد هذه الصور ثروة عالمية غالية جدا.

لمحة عن لبنان في العهد العثماني

وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1876 - 1909)، تم تحويل بيروت إلى مركز ولاية باسمها عام 1888، ونالت موقعا مميزا على الخارطة اﻹدارية. وبرز نمط جديد من العلاقات السياسية والاجتماعية بين اﻹدارة العثمانية وأهالي بيروت.

وظهرت نخبة بيروقراطية بيروتية، ساهمت في تعزيز الروح العثمانية في المدينة، مما ساعد على خلق جو من التفاعل بين السكان المحليين واﻹدارة الرسمية، وتفعيل المؤسسات وتنظيمها وبروز نهضة عمرانية واقتصادية.

فتم تطوير مشاريع عمرانية وتنموية بارزة على الصعد التعليمية، الثقافية، الصحية، العسكرية واﻹدارية وحتى الدينية، باﻹضافة إلى المواصلات وتطوير المرفأ، وتأمين مياه الشفة والري والاتصالات وإنشاء الحدائق وإقامة مستودعات ومحال تجارية فخمة ومصارف وفنادق ومقاهي ومنتزهات.

التدمري يحيي التراث العثماني في لبنان

وفي أثناء دراسة التدمري في إسطنبول، أقام معرضا عام 1994 في جامعة معمار سنان، بعنوان "آفاق فن العمارة اﻹسلامية في لبنان" حضر افتتاحه سفراء وطلاب عرب.

وبعد نجاح معرضه في إسطنبول، ساعده والده على إقامة معرض أكبر في لبنان، وبمشاركة جامعة معمار سنان بعنوان "بلد صغير لكنه مليء بالمفاجآت"، فأبناء بيروت لم يكونوا يعلموا أن غالبية المباني التراثية الكبرى التي تزين مدينتهم ترجع إلى الحقبة العثمانية وليس الفرنسية.

وطلبت بلدية اسطنبول لاحقا من التدمري، إقامة معرض في قاعة المعارض الكبرى في مكتبة البلدية عن "الصناعات والحرف التراثية في قلب الحياة التاريخية في لبنان". ونظم مركز الثقافة و الحضارة اﻹسلامية أرسيكا في إسطنبول،  معرضا لصور التدمري بعنوان "العمارة اﻹسلامية في لبنان".

وفي عام 2010، أقام التدمري معرضا في بيروت بعنوان "ذاكرة بيروت نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين في 100 صورة". وفي المعرض، تم رصد مجمل المشاريع العمرانية والتنموية الضخمة، التي شهدتها بيروت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، و ذلك من خلال الصور الفوتوغرافية التي حفظها السلطان في مجموعته الخاصة في قصر يلدز، والوثائق العثمانية النادرة من دائرة اﻷرشيف العثماني التابعة ﻷرشيف رئاسة الوزراء التركية في إسطنبول.

واشتمل المعرض على أهم بطاقات بريدية في العالم، وصور فوتوغرافية خاصة بلبنان، والتي جمعها فؤاد دباس خلال ربع قرن من حياته.

وضع التدمري و نفذ الكثير من الدراسات ومشاريع الترميم في لبنان وتركيا، فضلا عن كونه باحثا في اﻷرشيفات العثمانية منذ أكثر من عشرين عاما، وعضو مجلس بلدي لمدينة طرابلس. 

ولا يلبث أن ينهي التدمري معرضا، إلا ويبدأ بالتحضير لمعرض آخر، فقد أقام في 2013 معرضا بعنوان "ذاكرة صور: 100 عام في 100 صورة".

ويسعى التدمري من خلال المعارض التي يقيمها إلى توثيق ذاكرة لبنان من خلال الصورة والتاريخ واﻷرشيف العثماني الغني.

وتعاني العديد من اﻵثار العثمانية في لبنان، من حالة إهمال تنتظر من يضع لها نهاية وينفض عنها التراب لتعود إلى لمعانها. ومن أهم هذه اﻵثار،محطة قطار بيروت التي أسست عام 1895 في منطقة مار مخائيل شمالي بيروت.

وكذلك السبيل الحميدي الذي تم تشييده عام 1902، والمدرسة السلطانية العسكرية العثمانية المعروفة اليوم بمدرسة المقاصد للبنات في الباشورة وسط بيروت. ومقبرة الباشورة التي تضم الكثير من العلماء واﻷولياء والمسؤولين في زمن الدولة العثمانية.

ويطمح التدمري إلى ترميم آثار مدينته طرابلس، ويحلم بتشييد متحف لتاريخها.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!