نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

خابت توقعات المحللين والمختصين بالشؤون التركية سواء أولئك القادمين من الأوساط الاستخباراتية أو من يكتبون ويحللون في وسائل الإعلام. يمكننا القول إن السبب الأهم في ذلك هو الأحكام المسبقة علاوة على بعض "الأساطير" التي تقبلها البعض على أنها ثوابت لا جدال فيها.

الفرضية الأولى التي توافق عليها المحللون هي أن كادر القوات المسلحة ومعنوياته وقدراته التقنية كانت في الحضيض. وهناك سلسلة من التطورات التي دعمت هذه الفكرة في الآونة الأخيرة.

فالجيش فقد ذخيرته البشرية بداية مع قضية أرغنيكون، وبلغ النزيف ذروته في المحاولة الانقلابية صيف 2016. خرج أو سُرّح الآلاف من الضباط وضباط الصف من الخدمة، وتعرض نظام الجيش إلى هزة عنيفة.

كانت فكرة أن معنويات وحماسة الجيش مفقودة وأنه من الصعب عليه مجابهة مشكلة متعددة الأوجه كعفرين، شائعة في التحليلات المبنية على المعطيات المذكورة أعلاه. وكان من المعتقد أن الجيش التركي سيتخبط في عفرين وسيفقد السيطرة على الوضع.

الفرضية الثانية تضمنتها تحليلات تتحدث عن معاناة الجيش التركي من نقص الذخيرة. وبحسب الفرضية فإن القوات المسلحة التركية تواجه مشكلة خطيرة على صعيد الإمداد اللوجستي، ولهذا لن تتمكن من القيام بعملية طويلة الأمد، وستستسلم بسرعة.

بيد أن تركيا حلت بسرعة المشكلة اللوجستية لعملية بحجم وطبيعة "غصن الزيتون". نجحت في تصنيع السلاح المحلي القادر على تغيير شروط اللعبة. 

وتمكنت من ادخال الطائرات المسيرة المسلحة والتقنية بسرعة فكان لها تأثير قاتل على تنظيم مثل "بي كي كي" يزعم أنه بارع في القتال بأسلوب "حرب العصابات".

الفرضية الثالثة التي خاب فيها المحللون هي "الأساطير" الرائجة عن المهارات والقدرات القتالية لتنظيم "بي واي دي/ بي كي كي". 

يمتلك تنظيم "بي كي كي" خبرة أربعين عامًا، وفوق ذلك فإن الولايات المتحدة تمده بالسلاح والعتاد. حارب داعش بشكل جيد وحاز على "تقدير" الغرب. وبالنظر إلى الناحية الإعلامية كانت معنويات التنظيم مرتفعة جدًّا. 

كما أن القوات الخاصة الأمريكية دربته، وذكرت مصادر عسكرية أن ثلاثة آلاف عنصر من عناصره توجهوا إلى عفرين للقتال. 

كانت التوقعات تشير إلى أن التنظيم سيحقق مفاجآت في عفرين، ومن خلال ذلك تُظهر القوات الخاصة الأمريكية كيف دعمت ودربت وكيلها ليحقق نجاحًا فشلت هي بتحيقه في أفغانستان.

فرضية أخرى تهاوت في عفرين، وهي أن عملية غصن الزيتون ستدفع المتعاطفن مع التنظيم في تركيا للنزول إلى الشارع والإخلال بالنظام العام. وستقع الدولة في مأزق حرج جراء اضطرارها لتفريق هؤلاء بالقوة. لكن شيئًا من هذا لم يحدث، ومرت العملية بهدوء، فلم يتأثر الاقتصاد بكلفة العملية ولم تقع احتجاجات. 

من الواضح أن لعملية "غصن الزيتون" تداعيات عسكرية وسياسية ودبلوماسية. أظهرت العملية في الوقت ذاته الأحكام المسبقة الإيديولوجية والشخصية لدى المحللين الذين يكتبون عن الشؤون التركية. 

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس