نوح ألبيرق - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

إن الجهات الإمبريالية المتصارعة في الساحة السورية لم تعط أي اهتمام للشعب السوري الموجود في المنطقة، على سبيل المثال أمريكا تنظر إلى كلمة "سوري" على أنها تمثل العناصر الإرهابيين التابعين لبي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي، وكذلك لا أعتقد أن روسيا وإيران قد دخلتا إلى سوريا من أجل حماية مصالح الشعب السوري، في حين أن الدول الأوروبية التي تسبّبت في تهجير السوريين قد أغلقت أبوابها الحدودية في وجه الشعب السوري وبذلك دفعتهم إلى المخاطرة بأرواحهم من خلال محاولة اللجوء إلى أوروبا عن طريق البحر.

وكذلك حاول رئيس حزب الشعب الجمهوري "كمال كليجدار أوغلو" الذي وصف الشعب السوري بالطفيليات تحريض المجتمع التركي ضد السوريين بحجة أن الحكومة التركية تهدر الأموال على السوريين بدلاً من استخدام هذه الأموال في زيادة رفاهية الشعب التركي، وذكر خلال تصريحاته أنه سيبارد في طرد اللاجئين السوريين من الأراضي التركية في حال وصوله إلى السلطة، لكن الدولة التركية والشعب التركي الأصيل استقبلوا السوريين بصدر رحب ولم يوافقوا على تسميتهم باللاجئين بل عبّروا عن ودّهم تجاه ضحايا الإمبريالية والدكتاتورية بكلمة "الضيوف".

أما بالنسبة إلى مستقبل الشعب السوري يمكن القول إن هذه المسألة قد وصلت إلى درجة كبيرة من الواقعية للمرة الأولى خلال الاجتماع الثلاثي الذي عُقد في اسطنبول بين الدول التركية-الروسية-الإيرانية، ويجدر بالذكر أن اتفاق القادة الثلاث على ضرورة القضاء على التنظيمات الإرهابية الموجودة في سوريا من أجل تمكُّن السوريين من العودة إلى بلادهم هو دليل يشير إلى تداول جميع مجالات هذه المسألة الهامة خلال الاجتماع المذكور، وكذلك يجب لفت الانتباه إلى أن هذه المبادرة الإنسانية كانت نتيجة ضغوطات وتأثير الرئيس أردوغان على الأطراف المشاركة في الاجتماع.

وكذلك سنتطرق أيضاً لمسألة الأشخاص الذي يزعمون أن السياسة التي تمارسها تركيا في سوريا خاطئة، من المعلوم أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تمارس سياسة إنسانية في سوريا، وكذلك هي الدولة الوحيدة التي حوّلت جميع المناطق التي سيطرت عليها إلى مراكز آمنة مناسبة لعيش من يرغب بالعودة إلى بلاده من اللاجئين السوريين، ودليلاً على ذلك نذكر مناطق الباب وجرابلس وعفرين التي تقع تحت سيطرة القوات التركية، إذ لم تتحوّل هذه المناطق إلى رماد كما حدث في مدينة الرقة عقب مداخلات أمريكا العسكرية بحجة القضاء على تنظيم داعش، بل أصبحت مراكزاً مناسبةً لعيش النازحين وكذلك اللاجئين العائدين إلى بلادهم.

إن الظلم الذي يمارسه المستعمرون الإمبرياليون والدكتاتوريون لن يغيّر واقعا مفاده أن الشعب هو المالك الحقيقي للبلاد، وأعتقد أن نداءات النجدة الموجهة من قبل الشعب السوري إلى القوات المسلحة التركية تحمل معنى أجمل بكثير من نداءات النجدة التي وجهّها بشار الأسد لروسيا.

إن الصراع الحقيقي الذي خاضته الدولة التركية ضد داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي أدى إلى الكشف عن المستثمرين الإمبرياليين في الداخل التركي وبالتالي فشل جميع مخططاتهم، ولهذا السبب من الآن فصاعداً لن تتمكّن أمريكا من خداع أي أحد من خلال أكاذيب الصراع ضد داعش التي تلجأ إليها في كل فرصة.

تركيا أصبحت رمزاً للمشروعية بالنسبة إلى الشعب السوري، وهي تستخدم هذه الميزة من أجل حماية مصالح السوريين، ومع ازدياد شدة الحرب السياسية في الساحة السورية نحن نؤمن بأن سوريا التي أظهرت الوجه البربري للغرب أمام العالم ستظهر الوجه الحقيقي لرؤساء الدول العربية أيضاً.

أمريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعم جميع التنظيمات الإرهابية التي تشكّل خطراً تجاه جميع الدول وخصوصاً تجاه الدولة التركية، ولهذا السبب يمكن القول إن السبب الرئيس للظلم والقتل الذي نشهده في الجغرافيا الإسلامية وخصوصاً في سوريا والعراق هو أنشطة عملاء القوى الصليبية-الصهيونية في المنطقة.

وكذلك بعض الدول العربية ومحبي السلطة مثل بشار الأسد في سوريا والمعارضة التركية الداخلية التي فعلت كل ما في وسعها من أجل إيقاف عملية عفرين، جميع هؤلاء عبارة عن قتلة مأجورين يخدمون مصالح الغرب الإمبريالي.

إن الدولة التركية ستكون بدايةً لنهضة إسلامية جديدة من خلال الصراع الذي تخوضه ضد الاتفاق الصليبي-الصهيوني في الداخل والخارج، وكذلك ستكون نهايةً للاستعمار الصليبي-الصهيوني من خلال المبادرة في الإطاحة بجميع الدكتاتوريين الذين يقودون الدول الإسلامية ويخدمون مصالح أمريكا وبالتالي إعادة إعادة الديمقراطي إلى الجغرافيا الإسلامية.

عن الكاتب

نوح ألبيرق

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس