إليف تشاقر – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

يستنكر الرئيس الأمريكي ترامب الهجمات الكيميائية التي نفذها نظام الأسد السوري في الغوطة الشرقية التي تُعتبر إحدى المناطق الخاضعة لقرار وقف إطلاق النار وفقاً لقرارات اجتماع أستانة، ويزعم ترامب أن الأسد سيدفع ثمن ذلك بأكبر شكل ممكن وصرّح بأنه سيتخذ قراراً ينص على معاقبة الأسد خلال 24 أو 48 ساعةً، لكن لا يمكن الاعتماد على التصريحات والمزاعم الأمريكية لأن القرارات التي يتخذها ترامب لا تحمل أي أهمية حتى بالنسبة إلى الأسد.

يتعاون الأسد وترامب وكأنهما يستهزئان بالضمير العالمي، فالأسد لن يدفع ثمن أي شيء، وتصريحات ترامب عبارة عن محاولة لاكتساب المزيد من الوقت و التخفيف من الضغط العالمي الموجه لأمريكا.

هل مرّت فترة طويلة على مقتل 400 مدني في الغوطة الشرقية؟ وكذلك على وصف المستشار الرسمي لمجلس الأمم المتحدة لما يحدث في الغوطة الشرقية بعبارة "شعب الغوطة رأى الجحيم بأم عينه بسبب هجمات الأسد"؟ هل مرّت فترة طويلة على اكتشاف إصابة العديد من الأشخاص بمرض السرطان ومقتل العديد من الأطفال بسبب قلة الطعام والدواء؟ أو على اكتشاف إصابة أكثر من 600 طفل بأمراض التهاب المفاصل والسل والتسمم الغذائي؟.

هل مرّت فترة طويلة على مطالبة روسيا باجتماع مجلس الأمن الدولي من أجل النقاش حول المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام في الغوطة الشرقية؟ ما عدد الأيام التي مرّت على اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية من قبل الأمم المتحدة؟ الجواب هو أربعون يوماً فقط، وبعد مرور أربعين يوماً عاد الأسد وعادت الهجمات الكيميائية والمجازر الجماعية، وعند رؤية أن الأسد لم يدفع ثمن الأرواح التي تسبب في مقتلها قبل أربعين يوماً فإن احتمال معاقبة الأسد في الوقت الحالي يبدو بعيداً، لأن الأسد ينفذ الهجمات الكيميائية والمجازر الجماعية منذ سبعة سنوات وذلك ليس أمراً جديداً بالنسبة إلى العالم.

وفي هذا السياق إليكم بعض التصريحات الصادرة عن جهات رسمية عالمية منذ بداية الأزمة السورية:

"استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية هو خط أحمر بالنسبة إلى أمريكا" -باراك أوباما- 21 أغسطس/آب 2012.

"استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية سيؤدي إلى خروج المارد من المصباح" 21 مارس/آذار 2013.

"رصدت الجهات الأمريكية استخدام الأسلحة الكيميائية بما فيهم غاز السارين من قبل قوات الأسد، وقد أفاد الرئيس الأمريكي أوباما مسبقاً بأن استخدام الأسلحة الكيميائية هو خط أحمر بالنسبة إلى أمريكا وبالتالي أنه سيقوم بتغيير قوانين اللعب، ونفذ هذا التغيير على أرض الواقع، لذلك الآن أمريكا لديها خيارات عديدة حول التدخلّ العسكري في سوريا" -مستشار الأمن القومي الأمريكي (رودس)- 14 مايو/أيار 2013.

"القوات العسكرية الأمريكية جاهزة للتدخّل العسكري مع تلقّي الأوامر من الرئيس الأمريكي أوباما" -وزير الدفاع الأمريكي- 24 أغسطس/آب 2013.

"تم تنفيذ الهجمة الكيميائية الأكبر في القرن الحادي والعشرين في سوريا، ورأى العالم ذلك بأم عينه، امتلأت المشافي بالقتلى، وفقد المئات من الأطفال أرواحهم على أيدي حكومتهم، ولم يقف العالم في وجه هذه الهجمة، وبناء على ذلك يجب على الدولة الأمريكية تنفيذ عملية عسكرية في سوريا واتخاذ الخطوات اللازمة للوقوف في وجه احتمال تكرّر هذه الهجمات" 31 أغسطس/آب 2013.

"سأطالب الكونغرس الأمريكي بالسلطة العسكرية من أجل تنفيذ تدخّل عسكري في سوريا" 1 سبتمبر/أيلول 2013.

"أعلن الرئيس الأمريكي أوباما أن استخدام الأسلحة الكيميائية هو خط أحمر بالنسبة إلى أمريكا، ولذلك يجب على أمريكا أن لا تتراجع عن تنفيذ قرار التدخّل العسكري لأن التراجع عن هذا القرار سيعطي الأسد فرصةً لإعادة تنفيذ الهجمات الكيميائية في سوريا" -رئيس الوزراء البريطاني (كاميرون)- 4 سبتمبر/أيلول 2013.

"طالب الرئيس الروسي بوتين الحكومة الأمريكية بتقديم الأدلّة حول استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية إلى مجلس الأمن الدولي" 4 سبتمبر/أيلول 2013.

أما بالنسبة إلى تركيا فإن الأسد هو قاتل مأجور، ويجب التفاوض مع روسيا وإيران من أجل دفع الأسد إلى إيقاف هدر الدماء في سوريا، لكن يمكن التفاوض مع روسيا وإيران؟ وهل هناك أي فائدة من التفاوض مع فرنسا وألمانيا بدلاً من روسيا وإيران؟

الأسد عبارة عن مجرّد بيدق في طاولة الشطرنج التي تديرها روسيا وإيران، لذلك يجب التفاوض مع الأخيرتين نظراً إلى أنهما الداعم الأكبر للأسد ومرسلي الأسلحة الكيميائية إلى سوريا، ونظراً إلى حسن العلاقات الدبلوماسية التركية-الروسية في الوقت الحالي يجب أن لا نواجه أي عائق أمام إيقاف سفك الدماء في سوريا.

عن الكاتب

إليف تشاقر

إعلامية وكاتبة لدى صحيفة قرار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس